نقوش
بقلم /منصور أبوشناف
كانت ليبيا احد مواقع ولادة فن الرسم والحفر والتنصيب والتلوين ، هذا ماتؤكده الكثير من البحوث التاريخية والحفريات الاثرية ، فلاتزال آثار تلك المنجزات قائمة الى الآن عبر ممرات وداخل كهوف الصحراء الليبية حتى أنه بامكاننا اعتبار هذه الصحراء أحد اهم متاحف فنون ماقبل التاريخ حيث يعود تاريخ تلك الاعمال الى مايزيد على العشرة الآف عام ، ويقسم الباحثون تلك الاعمال الى مراحل تؤرخ لتطور تلك الفنون واضمحلالها من الحفر الى الرسم الى التلوين من مراحل تصوير الحيوانات الى تصوير الحياة اليومية .
لا شيء يشير الى ان المرأة لم تساهم في تلك الاعمال ويشير بعض الباحثين الى أن لوحات التفاصيل اليومية كترقيص الاطفال وصباغة الشعر ربما تكون اعمالا لفنانات من ذلك العصر .. مساهمة المرأة الليبية في الفنون التشكيلية برزت بعد اضمحلال الفنون الصخرية وبعد سيادة التصحر في الشمال الافريقي والاستقرار في الواحات وبناء البيوت كبديل للكهف وتحول سطح اللوحة من جدران الكهف الى البسط والملابس وجدران البيوت ، لتحفظ المرأة الليبية وتطور فنون ماقبل التاريخ محافظة على غالبية ايقوناتها ورموزها «المثلثات والغزلان وخميسة الجرمنت» وغيرها من ايقونات ورثتها من فنون ماقبل التاريخ الصخرية ولا زالت تحافظ عليها الى حد الآن.
مع اخوار العهد العثماني وبدايات مشروع التجديد والنهضة عرفت ليبيا الفن التشكيلي بمفهومه الحديث ،ودخلت اللوحة باسطحها الجديدة الى ليبيا عن طريق بعض التجارب القليلة والبسيطة وتطورت التجربة في العهد الايطالي واصبحت اللوحة تزين بعض الاسطح كجدران المنازل والادارات الحكومية ودخل الليبيون في مغامرة التشكيل في تلك الفترة ولو على خجل وعبر كل تلك التجارب التشكيلية الليبية ظلت المرأة بعيدة عن ممارسة هذا الفن وواصلت فنها التقليدي المتوارث أعني السجاد بانواعه .
في التجربة التشكيلية الليبية الحديثة التي بدأت تتشكل بعد الاستقلال لم تظهر فيها مساهمات للمرأة وظلت المرأة موضوعا أثيرا للرسامين حيث يرسم الرسام المرأة الريفية الليبية كموضوع هوية ورمز للوطن والتراث دون ان تقتحم المرأة هذا المجال ليظل حكرا على الرسامين من الرجال الذين حولوا المرأة في غالبية اعمالهم الى ايقونة للتعبير عن كل شيء الا عن نفسها .كان انطلاق المرأة الفنانة التشكيلية الليبية قد بدأ فعلا وبشكل لافت بعد افتتاح كلية الفنون التي خرجت اعدادا كبيرة من الرسامات الليبيات ، اللاتي واصلن رحلة بعض الرائدات في هذا الفن .