منصة الصباح

مشجب العرب

محمود السوكني

 

في خضم الخيبات المتلاحقة التي نعيش تفاصيلها المؤلمة في وطننا العربي تعلو الاصوات مجدداً تطالب بإغلاق جامعة الدول العربية التي (ثبت عجزها عن حل مشاكلنا) و(فشلت في إنهاء خلافاتنا) وكأن في غيابها علاجاً لأوجاع الأمة !

يتجاهل المتحاملون على (بيت العرب) أنه المكان الوحيد الذي يجمعهم ، وأنه وإن فشل في توحيد كلمتهم فقد أسس وأشرف وأدار خمسة وثلاثين مؤسسة ومنظمة متخصصة في شتى المعارف والعلوم ماكانت لتكون لولا هذا الصرح الجامع لأمة العرب .

لقد تأسست جامعة الدول العربية منذ أكثر من سبعة عقود وتحديداً في عام 1945 عقدت خلالها ثمانية وأربعين إجتماعاً على مستوى القمة منها خمسة وثلاثين إجتماعاً عاديّاً وتسعة إجتماعات طارئة واربعة قمم إقتصادية ، وعلى مدى مسيرتها وتعدد إجتماعاتها لم تستطع أن تصدر قراراً واحداً يلتزم الجميع بتنفيذه (!) إذ أن ميثاقها الذي اكل عليه الدهر وشرب ينص على أن القرارات الواجبة التنفيذ هي التي يصوّت عليها بالإجماع وليس بالأغلبية خلافاً لما تنص عليه مواثيق المنظمات الدولية المشابهة أي أن الدولة العضو التي لا توافق على قرار ما لا تلتزم ببنوده وإن خالفها الرأي بقية الأعضاء . بالاضافة إلى أن الجامعة ليس لديها في هيكلها التنظيمي  جهازاً تنفيذياً مستقلاً تفرض به قراراتها وتلزم الأعضاء بتنفيذها على وجه السرعة ، وهنا اتذكر تصريحاً طريفاً لأمين عام الجامعة الأسبق د. نبيل العربي الذي قال ذات مرة : لايمكن أن تقود سيارة موديل الأربعينات في عصرنا الحالي المتقدم علمياً على نحو مهول !

جامعة الدول العربية لا تملك الحق في أن تقرر نيابة عن العرب ، هي مرآة لاحوالهم ، أي أن من يعمل فيها مجرد موظفين يؤدون ما مايؤمرون به وإن خالف اهوائهم ، فلا يجب أن نحملهم ما لا يطيقونه ونحاسبهم على فشلنا في إقامة دولة فلسطين أو حتى جمع الشتيتين الضفة الغربية وقطاع غزة أو إخفاقنا في جمع العراق بسوريا وهما ينضويان تحت راية حزب واحد أو إحلال الإستقرار في منطقة المغرب العربي وعلى الأخص حل الخلافات المحتدمة بين قطبيه الجزائر والمغرب ناهيك عن ماساة ليبيا والصراع الدموي الذي لا ينتهي في اليمن .

لا تعاني جامعة الدول العربية من ضعف ميثاقها فحسب ، لكنها ايضاً رهينة هيمنة بعض الدول الأعضاء التي تفرض سيطرتها على مؤسساتها بما تقدمه من هبات مالية إلى جانب إلتزامها بتسديد حصصها بانتظام فيما تتخلف العديد من الدول الأعضاء -وليبيا ليست إستثناء- عن الوفاء بالتزاماتها وهو ما يعيق الجامعة عن أداء دورها المناط بها . هذا هو حال جامعة الدول العربية التي يتخذها العرب مشجباً يعلقون عليه خيباتهم وهي منهم براء .

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …