بقلم /علي مرعي
لم نر أو نسمع يوما أن المجتمع الدولي وخصوصا الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن قد اتفقوا على حل أي من المشاكل العالقة في العالم دون أن يكون هناك مد وجزر وتجاذب ومناكفات، مما يطيل أمد الصراعات وإراقة المزيد من الدماء وما يصاحبه من نزوح ولجوء.
كان يفترض بالمجتمع الدولي أن يكون منصفا في تناوله للأزمات على قاعدة تخفيف التوترات وعدم استفحالها بما يهدد الأمن والاستقرار في العالم ، ولكن نلاحظ أن هناك ارتباطات بين هذه الدول الكبرى وبين أطراف الصراع في أكثر من بلد وهذا بحد ذاته يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كانت هذه الدول تسعى عن قصد إلى تأجيج الصراعات بغية تحقيق مصالحة ما؟
إن المتتبع للتوترات في كثير من دول العالم، سيلاحظ أن المجتمع الدولي منقسم على نفسه في نظرته إلى الأحداث وخصوصا في دعم الأطراف المتخاصمة وهذا بدوره يساهم في احتقان الأوضاع وعدم إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل ويساهم أيضا في عدم الاستقرار في العالم.
لغة المصالح هي السائدة، وهي العنوان الرئيس الذي يهيمن على بعض الدول الكبرى ، فمنها من يبحث عن موطئ قدم هنا أو هناك ومنها، من يبحث عن استغلال الموارد، ومنها من يتخذ مواقف سياسية متناقضة مع ما يطرح من صيغ وحلول بقصد العرقلة ليس إلا.
إذ لا يستقيم وضع الحلول للمشاكل العالقة في ظل تعدد الرؤى والمواقف المتباينة إزاء ما تشهده بعض الدول من أحداث سياسية أو حروب ، فالمنطق يحتم على الدول الفاعلة تقديم المبادرات المناسبة بعيدا عن أي انحياز .
ومما لا شك فيه أن بعض الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن ساهمت وما زالت في تأجيج الصراعات سواء أكانت مسلحة أو طائفية أو قبلية
إضافة إلى دعمها لبعض الجماعات المسلحة التي تعمل على زعزعة الأمن في بلدانها ، ناهيك تدخلها العسكري المباشر.
وحقيقة الأمر أن ما يسعى إليه المجتمع الدولي في العلن لبسط الأمن والاستقرار في العالم لا يعدو كونه للاستهلاك الإعلامي فقط، في مقابل أن هذا المجتمع نفسه يساهم في زيادة حدة التوتر في أكثر من مكان، وهذا بحد ذاته يعطي مؤشرا سلبيا على أن الأمم المتحدة بكافة منظماتها التابعة لها عاجزة بالفعل على القيام بواجباتها المنوطة بها في رسم سياسات واقعية تحد من تفاقم الأزمات والمشاكل التي يعاني منها العالم وبخاصة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
إذ لا يمكن فهم أن المجتمع الدولي الذي يتبجح بطرح الحلول وعقد المؤتمرات لبحث بعض المشاكل العالقة وفي نفس الوقت ينتهج سياسة ازودواجية المعايير إضافة إلى كونه عاجز عن آداء مهامه بطريقة تتماشى وتتوافق مع المواثيق والأعراف الدولية ، وهو ما يدفعنا للقول إن فشل الأمم المتحدة في حل المشاكل يعود بالدرجة الأولى إلى الضغط الممارس عليها من قبل بعض الدول المؤثرة في السياسة العالمية .