منصة الصباح

ماذا‭ ‬بعد‭ ‬مقتل‭ ‬سليماني؟

بقلم / علي مرعي                                 

يبدو‭ ‬أن‭ ‬استهداف‭ ‬القيادي‭ ‬الإيراني‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مطار‭ ‬بغداد‭.‬
قد‭ ‬شكل‭ ‬منعطفا‭ ‬خطيرا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجر‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ .  ‬
دون‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الضربة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬إيرانية‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬كانت‭ ‬تشكل‭ ‬حلقة‭ ‬الوصل‭ ‬بين‭ ‬طهران‭ ‬وما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمحور‭ ‬الشيعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والخليج‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭.‬
إضافة‭ ‬لكونه‭ ‬العقل‭ ‬المدبر‭ ‬للنفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لن‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬دون‭ ‬رد‭ ‬إيراني‭ ‬يوازي‭ ‬حجم‭ ‬ومكانة‭ ‬سليماني‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الانزلاق‭ ‬نحو‭ ‬الحرب‭.   ‬
والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرحه‭ ‬المحللون‭ ‬السياسيون‭ ‬اليوم‭ ‬كيف‭ ‬سترد‭ ‬إيران‭ ‬؟
وأين‭ ‬ومتى‭ ‬؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬حجم‭ ‬الرد‭ ‬؟
‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬بهذه‭ ‬البساطة‭ ‬،‭ ‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬فإن ‬الدولة‭ ‬المقابلة‭ ‬لإيران‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬وأقوى‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬هل‭ ‬تتحمل‭ ‬إيران‭ ‬الرد‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استهداف‭ ‬سفاراتها‭ ‬أو‭ ‬قواعدها‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬؟‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬هل‭ ‬ستسكت‭ ‬إيران‭ ‬وتبلع‭ ‬الضربة‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬إظهار‭ ‬قوتها‭ ‬وتحديها‭ ‬لمن‭ ‬يعتدي‭ ‬عليها‭ ‬؟‭.  ‬
المسألة‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الصعوبة‭ ‬والخطورة‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬تحسد‭ ‬عليه‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬أمام‭ ‬أحد‭ ‬أمرين‭ ‬أحلاهما‭ ‬مر‭ ‬،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يتكهن‭ ‬بالنتائج‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬ومعالجة‭ ‬الموضوع‭ ‬بحكمة‭ ‬وروية‭ .‬
‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬موضع‭ ‬انتقاد‭ ‬من‭ ‬مريديها‭ ‬ومناصريها‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الإيراني‭ ‬وخارجه‭.‬
وهناك‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬مقتل‭ ‬سليماني‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الزرقاوي‭ ‬وبن‭ ‬لادن‭ ‬والبغدادي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ينتسى‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬ردات‭ ‬فعل‭ ‬قوية‭ ‬كما‭ ‬يتخيل‭ ‬البعض‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬إيران‭ ‬وتحت‭ ‬وطأة‭ ‬ضغوط‭ ‬حلفائها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬ستستجيب‭ ‬للغة‭ ‬العقل‭ ‬وتهدئ‭ ‬من‭ ‬الموقف‭ ‬المتأزم‭ . ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬آخرين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬تتمهل‭ ‬قليلا‭ ‬قبل‭ ‬الرد‭ ‬لدراسة‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬بنك‭ ‬للأهداف‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭ ‬لضربها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.   ‬
إذن‭ ‬الموقف‭ ‬الإيراني‭ ‬أصبح‭ ‬بعد‭ ‬الضربة‭ ‬الأمريكية‭ ‬القوية‭ ‬على‭ ‬المحك‭ ‬،‭ ‬فخسارتها‭ ‬لشخصية‭ ‬مثل‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬لا‭ ‬تعوض‭ ‬،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بمثاية‭ ‬‮«‬دينامو‮»‬‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ .‬
‭ ‬وكان‭ ‬يعول‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬تحالفات‭ ‬مؤيدة‭ ‬للتوجهات‭ ‬والسياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬بالفعل،‭ ‬وخصوصا‭ ‬من‭ ‬الشيعة‭ ‬كالحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حركات‭ ‬المقاومة‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬كحركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ . ‬
إيران‭ ‬وبعد‭ ‬خسارتها‭ ‬لسليماني‭ ‬لن‭ ‬تتوانى‭ ‬عن‭ ‬مضاعفة‭ ‬مساعداتها‭ ‬لحلفائها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ .‬
وربما‭ ‬تسعى‭ ‬لتكوين‭ ‬حلفاء‭ ‬جدد‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬لتوسيع‭ ‬رقعة‭ ‬التحالفات‭ ‬وما‭ ‬تعتبره‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬أو‭ ‬أذرعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬أمريكا‭ ‬وحلفاؤها‭. ‬
كيف‭ ‬ستتصرف‭ ‬إيران‭ ‬حيال‭ ‬اغتيال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬؟‭ ‬وكيف‭ ‬سيكون‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬؟‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يملك‭ ‬الإجابة‭ ‬إلا‭ ‬إيران‭ ‬وحدها‭ ‬،‭ ‬فلننتظر‭ ‬قادم‭ ‬الأيام‭ ‬وماذا‭ ‬سيحدث‭ !!. ‬

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …