منصة الصباح
لومومبا في مدرجات المغرب : ذاكرة السياسة تعود عبر الملاعب

لومومبا في مدرجات المغرب : ذاكرة السياسة تعود عبر الملاعب

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى المستطيل الأخضر في كأس الأمم الإفريقية 2025 بالمغرب، سلب مشجع كونغولي يدعى “كوكا مولادينجا” الأضواء، ليس بمهاراته الكروية، بل بقدرته المذهلة على التحول إلى “تمثال حي” يجسد شخصية الزعيم التاريخي باتريس لومومبا.

هذا المشهد، الذي حبس أنفاس الجماهير في مباريات الكونغو أمام السنغال وبنين، لم يكن مجرد استعراض فلكلوري، بل هو استدعاء رمزي لواحد من أكثر الفصول مأساوية في تاريخ الصراع الجيوسياسي على موارد القارة السمراء.

إن تجسيد لومومبا في عام 2025 يعيد إلى الأذهان الصراع الذي اندلع في ستينيات القرن الماضي؛ فلومومبا لم يكن مجرد رئيس وزراء، بل كان مهندس أول حكومة منتخبة تسعى لتحرير موارد الكونغو الهائلة من قبضة الاحتلال البلجيكي.

هذا الطموح السيادي اصطدم بمصالح القوى الاستعمارية في إقليم “كاتانجا” الغني بالثروات، مما أدى إلى انقلاب عسكري واغتيال لومومبا في يناير 1961 تحت إشراف مسؤولين بلجيكيين، في عملية وحشية انتهت بتقطيع جثته وإذابتها في حمض الكبريتيك لإخفاء معالم الجريمة.

الرسالة التي يبعث بها “مولادينجا” عبر ثباته الانفعالي لساعات في المدرجات تتجاوز حدود الرياضة؛ فهي تعبير عن “الهوية القارية” واعتزاز الأفارقة برموزهم الذين قاوموا الاستعمار.

هذا الإرث الذي تضامن معه قادة مثل جمال عبد الناصر في مصر، وخلدته المغرب بإطلاق اسمه على شوارع رئيسية في الرباط، يثبت أن “الرأسمال الرمزي” لزعماء التحرر لا يزال المحرك الأساسي للشعوب الإفريقية.

إن صمود المشجع في مدرجات “الكان” يحاكي صمود لومومبا أمام بنادق الإعدام، ليؤكد للعالم أن محاولات طمس التاريخ عبر “الأحماض الكيماوية” لم تنجح في إذابة فكرة الاستقلال، وأن كرة القدم في إفريقيا تظل المنصة الأقوى للتعبير عن المواقف الجيوسياسية الصارمة ضد الهيمنة الأجنبية.

شاهد أيضاً

لغز كوكب الشرق .. هل كانت أم كلثوم صنيعة الصدفة أم عبقرية الإدارة الذاتية

لغز كوكب الشرق .. هل كانت أم كلثوم صنيعة الصدفة أم عبقرية الإدارة الذاتية

بينما يستعد العالم لاستقبال عام جديد في ليلة 31 ديسمبر، يبرز اسم “أم كلثوم” ليس …