نافذة
بقلم / إيناس اليوسف
إن الكتابة هي من أنزه الهوايات والمهن وأصعبها وقد تعتبر أكثر خطورة من غيرها، فالكاتب إن لم يكن يراعي الله ويخافه قد يتسبب في الإساءة للأشخاص وللمؤسسات وللوطن ككل، وبذلك يقوم بانتهاك أصول الكتابة ذاتها والانحراف عن المسار الحقيقي والدقيق للعمل الصحفي، والضمير وحده هو المرجع الذي يعود له الكاتب أو الإعلامي، ونحن نعلم جيدا كيف يتناول (بعض) دعاة الإعلام والكتابة والمتسلقين القضايا ويحولونها لصالحهم ولخدمة أغراضهم الشخصية، ونحن كقراء نميز ذلك بالطرق الملتوية المفضوحة والمكشوفة التي يتبعونها لتلميع أنفسهم على حساب تشويه سمعة غيرهم من الشرفاء طلبا للمناصب أو طمعا في جمع أكبر قدر من المال، خاصة في خضم هذه الفوضى التي تمر بها بلادنا.
رغم قيام ثورة فبراير التي جاءت لأجل الحرية والعدالة والتطهير إلا أنه، مع الأسف، قد كشف الستار عن الكثير من الأسماء المعروفة وغير المعروفة التي خدمت النظام السابق وانقلبت لتمارس دورا جديدا لخدمة أنفسهم باستغلال ثورة فبراير، حيث اختلط الحابل بالنابل، وأصبح الجميع متهما، وأصابع الاتهام موجها إلى كل فرد تكلم وقال كلمة قد تتعارض مع الآخر، أو قد تتحرك الأحقاد والأمراض (لدى البعض) ويحاولون هدم الآخرين أو التشكيك فيهم وربما تلفيق التهم إليهم.
لابد لكل من يمسك في يده قلما أن يراعي الله وهو يخط بقلمه ويوجهه في ظهر أخيه أو أخته، ولابد أن يعلم هؤلاء أن الكتابة مهنة لها أصولها وشرفها، ولابد من احترام أسس الكتابة وألا نخون ضمائرنا لأجل مصالح ستنتهي بانتهاء أجلنا ولن نأخد معنا سوى أعمالنا التي سوف تسّود وجوهنا أو تجعلها مضاءة برضا الله.
إن حالة الإرباك وعدم تطبيق القانون بشكل حقيقي على الممارسات والتجاوزات التي تحدث في ليبيا هي حالة مؤقتة ستنتهي وستظهر الحقائق جميعها، وسيظهر الخونة من الأبطال وسيظهر محبو الوطن من المستغلين والمتملقين والمتسلقين، فطريق الحق طويل ولكنه ممتع لكل إنسان شريف ونزيه يضع الله بين عيونه ومصلحة الوطن فوق رأسه ليرتقى ببلاده ولا يشدها للوراء، ويرفعها للسماء لا أن يحط بها أرضا، ليقود كل منا الجيل الذي يليه بالسيرة الطيبة والسمعة الحسنة وبالإيمان وحب الله.. فلا يخفى على أحد أننا نتعرض ككتاب للتهديد والسباب والشتم والتهجم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل البريد الالكتروني (الإيميلات)، بل بالتهديد المباشر عن طريق الهواتف الخاصة وكل هذا ليكمموا أفواهنا كي لا تقال كلمة حق في ظل الأحداث التي نعيشها والتي تحتاج لكل قلم صادق ينادي بالإصلاح و التوعية، ومع هذا نقابل هذه السلوكيات المريضة بابتسامه لأننا استطعنا بشكل عملي أن نقوم بدور يكشفهم ويعريهم ويفضي إلى نهايتهم.
لابد أن تكون ضمائرنا هي مرجع لأعمالنا وما نقدمه لبلادنا، وندائي لمن يعرفون أنفسهم، لمن هم ماضيهم ملوث بالأعمال النكراء واستغلوا أقلامهم لتدمير أوطاننا وشبابنا.. اتقوا الله واعلموا أن مصلحة بلادنا في صدقنا وشفافيتنا، وأن التاريخ لا يرحم.
لتكن أقلامنا سلاحا في وجه الفساد لا سلاحا نحارب به أبناءنا وبناتنا ونصفي به حساباتنا الشخصية، وتظل مصلحة بلادنا فوق الجميع.