مشاهدات / فتحية الجديدي
شهور وسنوات تظل العديد من النساء يلهثن وراء المحامين والقضاة من أجل الفصل في قضاياهن التي تظل عالقة لأتفه الأسباب، منها لجوء الرجال إلى التعلل ببعض التفاصيل غير المهمة والأنانية المفرطة، خدمة لمصالحهم الخاصة، متذرعين بمبررات غير مقنعة، مستغلين النصوص القانونية لصالحهم _بكل أسف
من ذلك أن بعض الرجال يستطيعون كسب قضاياهم من خلال مواد قانون الأحوال الشخصية رقم 10 للزواج والطلاق غير المتينة، وهي المواد التي لا تصب في صالح المرأة عند الضرر أحيانا.
وسيكون حديثتا هذه المرة عن نقطة مهمة وهي قضية (مؤخر الصداق) ، وذلك بسبب أن هناك بعض النساء اللواتي لم يحصلن على حقهن في مؤخر الصداق رغم مرور سنوات على طلاقهن!
والصداق المسمى أو القيمة المتفق عليها أثناء التعاقد هي مؤخر الصداق هي إما : لأجل القريب وهو الفراق، أو الأجل البعيد وهو الفقد.. ومع وضوح مقصد المشرع من تعيين الأجلين، إلا أن الأمر المعقد الذي باتت المرأة تشعر فيه بالغبن، وتعرضت له العديد من النساء اللاتي افترقن عن أزواجهن وحصلن على حريتهن، هو في الخسارة التي تطال الجانب المادي، إضافة إلى تلك الأضرار النفسية والاجتماعية كذلك!
فبمجرد النطق بالحكم وحصول واقعة الطلاق يسعى الرجل للتخلص من كافة القيود، ومنها عدم الالتزام بدفع مؤخر الصداق وهي القيمة المالية الممثلة، إما في مبلغ ويقدر بقيمة نقدية أو ذهب ويسعر بقيمة مالية سائلة،، لكن الشائع هو تذرع العديد من الرجال بعدم المقدرة على الدفع، أو الوفاء وفق ما ينص عليه التعاقد أو الرابط، بل يختفي وراء ثغرات قانونية يستغلها لصالحه للتملص من هذا الحق.
إن قاعات المحاكم تصدع بمثل هذه المشاكل التي تعاني منها العديد من النساء بعد حصول الانفصال واستلام المرأة لقسيمة طلاقها، لكنها ما تكاد تنال حريتها، حتى تعلق في مشكلة أخرى، وهي كيفية الحصول على حقها من نفقة مؤجلة وغير مؤجلة ومؤخر صداقها.؟ ويطول الفصل في هذا الأمر طالما اختبأ زوجها السابق وراء كلمة القاضي.. (إذا لم تكن لديك استطاعة يمكن أن تأخذ طليقتك ربع المرتب!!)
وهنا بيت القصيد.. إذا كان راتب الزوج ضماني وتصل قيمته إلى ( أربعمائة وخمسين ديناراً فقط) وفق قانون المعاشات الأساسية ، فإن ربعه تصل إلى (مئة وأثني عشر ونصف دينار) ناهيك عن خسارتها وهي تجوب دوائر القضاء وأتعاب المحاماة وخلافه.
وعند تأخر الدفع وطلب الزوجة حجز القيمة بالكامل في حسابه المصرفي لحين حصولها على مستحقاتها، عندها يتناولها القانون بأنها المخطئة! وجنت على مصلحة طليقها المسكين في نظر القانون، بدعوى أنه لا يملك أن يدفع لها رغم وجود رصيد مالي في حسابه تحت مبرر أن لديه حياة أخرى.. هذا ما سمعته العديد من النساء من أفواه بعض القضاة … ليكون السؤال: هل القانون لصالح الرجال؟
هل القانون صنعه الرجل ولمصلحة الرجل؟
هل المواد القانونية هي مواد ذكورية صرفة ويستغلها الرجال؟
هل يستطيع الرجل أن يحرم المرأة من مؤخر الصداق في أنه حق شرعي وقانوني؟
من أجاز قصة أنه بربع المرتب، يمكن أن يسدد الرجل ما عليه ثم ينظر لحياته الجديدة، فهل هذا من المنطق؟
هي … أسئلة لا تنتهي من النساء أنفسهن وأنا أسمع قصصهن ومآسيهن، وكيف كبلهن القانون بدل أن يخدمهن، لأنه بكل بساطة بعض الرجال يتلاعبون بالنصوص القانونية الهشة، التي يستطيعون أن ينفذوا من خلالها إلى مصالحهم، ويمثل بعض الرجال أدوار المساكين تهربا من المسؤولية، ويظل تنفيذ الأحكام مؤجلا من أجل هذه المصالح، مما يجعلهم يتهربون من دفع ما عليهم وسداد القيمة المالية المنصوص عليها في عقد الزواج، وتستمر معاناة البعض أمام هذه المشاكل المتكررة التي لا تنتهي، إلا بحصول المرأة على مستحقاتها المشروعة.
لكن لماذا يتهرب بعض الرجال من مسؤولية الوفاء بحق المرأة الشرعي والقانوني؟، ويصطف القاضي إلى جانبهم؟، والسؤال الذي تطرحه النساء المتضررات من هذا الأمر، هل الفصل في مثل هذه القضايا يدخل فيها العامل الذكوري؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهذه إشكالية أخرى من المفترض أن نخرج منها ونتجاوز العقد ونسعى وراء مبدأ الحق.. لا غير.