د ابوالقاسم عمر صميده
لماذا لون السبورة اسود ؟ لماذا لا يحدث العكس ؟ أى ان تكون السبورة بيضاء ويُكتب فيها باللون الاسود ، ومع وجود الوان اخرى لكن الشائع هو ان السبورة عادة ما تكون باللون الاسود ، ربما تفسير ذلك يعود الى ان اللون الاسود يرمز الى الغموض وعدم المعرفة والجهل والعتمة كما الظلام فيأتى اللون الأبيض فيزيح الغموض ويوضح الامور ، ولربما دور السبورة هو بمثابة ميدان المعرفة حيث يقوم البياض بالتغلب على السواد بدلالته ومفهومه فيشرق كنور الفجر من بين سواد الليل فيرى الانسان الحقيقة ، بينما على المستوى الشخصى فالانسان يستخدم ورق ابيض ليكتب عليه بالاسود او الازرق لأن ما يخطه هو عبارات وكلمات ومعلومات مرت بعقله وفكره وعلِمها ولم تعد بحاجه الى محيط اسود لتنبلج فيه فكان اللون الابيض هو حاضنتها التى تحتفظ بها كإعادة او رمزية لمصدرها الاول ، ورغم وجود الوان متعددة من السبورات الا ان فكرة التضاد والدمج بين اللونين الاسود والابيض هى جوهر الخلق والوجود ، فقد جعل الله من كل شىء زوجين فى مقاربات لفهم آليات الكون ، قال الله تعالى:( ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون ) الذاريات:49، وهى ثنائية لا يمكن تجاهلها عند النظر الى تضاد الالوان ولِما السبورة سوداء والكتابة بيضاء ؟ ولعل الغربب هو ما جاء فى كتاب بعنوان “لا تمسح السبورة” لمؤلفته الباحثة “جيسيكا وين ” الذى صدر عن دار نشر جامعة “برينستون” هذا العام 2021، ويتناول الكتاب كيف تتصدر سبورة مُكتَظة بمعادلات رياضية كَتبَها ” ألبرت أينشتاين” أحد المتاحف في مدينة أكسفورد ببريطانيا والمفارَقة في الأمر أن هناك عدد 111 سبورة لعلماء آخرين قامت المؤلفة
بالتقاط صورًا لسبوراتهم شديدة الاختلاف وبقيت كما هى بعد وفاة اصحابها وكانت أبسط الصور، صورة لسبورة على شكل دائرى رُسِم إطارها باللون الأبيض على خلفية سوداء، وكُتِبت تحتها كلمة “أبيض” وفي نفس الصورة، تظهر دائرة ثانية، مُظلَّلة بالأبيض، وكُتِبت تحتها كلمة “أسود”، وكأن اللونان وصية من صاحبها لمن بعده، وللعلم فقد بدأ تاريخ السبورة في العصور القديمة عندما قام الدارسين فى بلاد مابين النهرين بكتابة دروسهم على ألواح من الطين الذى تحول فيما بعد الى الحجارة وجذوع الاشجار والخشب واخيراً المعادن ولأنه لم يكن هناك ورق فلم يكن لدى المدرسين طريقة لتقديم الدروس لكل الطلاب في الفصل فكان اختراع أول سبورة للشرح ، وتميل المدارس الحديثة إلى استخدام السبورة البيضاء بسبب المخاوف من حساسية غبار “الطباشير “، لكن يظل اللون الاسود هو ما يتبادر للذهن بمجرد الحديث عن السبورة .