منصة الصباح

قهوة وشيح لرقّاد الريح

أحلام محمد الكميشي

في ظل التقصير الفادح في توفير العلاج للمواطن الليبي، وتردي فعالية عدد من الأدوية حتى لأبسط الأمراض نتيجة استيراد أدوية مقلّدة أو غير مطابقة لمعايير الجودة، واضطرار “رقّاد الريح” للبحث عن بدائل خارج البلاد على النفقة الخاصة وبأسعار تفوق القدرة المادية، ومثول مسؤولين بوزارة الصحة أمام القضاء، يزداد وضع مرضى الأورام والفشل الكلوي سوءًا فتستغله بين فترة وأخرى منشورات على صفحات التواصل الاجتماعي والقنوات يزعم أصحابها اكتشافهم علاجًا فعّالا للسكري والأورام وغيرها، وكل منهم يعدد الحالات المرضية التي شفى أصحابها بعد تناولهم خلطته العلاجية، ولعل آخرهم صاحب خلطة “الشيح والقهوة”.

ورغم أن القانون الصحي رقم 106 لسنة 1973 ينص على عقوبة الحبس والغرامة لكل من يزاول مهنة طبية دون ترخيص، أو يروّج لمستحضر طبي غير مسجل بوزارة الصحة، ويقضي بإغلاق المحل الذي مارس فيه العمل ومصادرة المتعلقات، ويأمر كذلك بنشر ملخص الحكم مرة أو أكثر في صحيفة على نفقة المحكوم عليه، كما يحظر تداول المستحضرات الصيدلية الخاصة ولو كانت عينات طبية إلا إذا كانت مسجلة بسجلات وزارة الصحة طبقاً للشروط والإجراءات الواردة في اللائحة التنفيذية التي تنص على ضرورة أن يكون المستحضر الدوائي معتمدًا من لجنة تسجيل الأدوية بوزارة الصحة ، وأنه لا يجوز نشر أي إعلان دوائي في الصحف أو بأي وسيلة من وسائل الإعلام بالمخالفة للقانون، لكن قناة تلفزيونية بثت لقاء مع صاحب خلطة (الشيح والقهوة) زعم فيه شفاء أكثر من 30 حالة من مرضى الأورام والصدفية بعد استخدامها، دونما إشارة لتسجيل واعتماد الدواء بشكل قانوني أو لحصوله على حقوق الملكية الفكرية.

والدولة التي قصّرت مع المواطن في توفير العلاج والدواء ذي الجودة في القطاع العام، وتغاضت عن إلزامية التأمين الصحي، واختصت نافذيها وأقاربهم بفرص العلاج على حسابها، وقدّمت للبسطاء جزرة “توطين العلاج بالداخل”، وتركتهم فريسة للعيادات والصيدليات الخاصة والسوق السوداء والأدوية المغشوشة، مازالت تتفرج على من يجرون التجارب عليهم ويسوّقون لخلطات عشبية يجتذبون بها المتعلقين بقشة أمل دون أن تتدخل لحمايتهم من الاستغلال أو تمنع تداول أي علاج خارج مظلة القانون.

شاهد أيضاً

باختصار.. غِيَابُ الطُّلّابِ… وَضَيَاعُ الأَسْبَابِ

  د. علي عاشور  في معظم الكليات والجامعات الليبية تعقد مناقشات الأطروحات والرسائل العلمية بشكل …