حـديـث الـثلاثـاء
مفتاح قناو
كنا نقف في انتظار افتتاح معرض للفنون التشكيلية للفنانين العراقي الراحل الذي كان مقيما في ليبيا الدكتور نافع الخطيب رحمه الله، وزوجته الفنانة الروسية (مارينا) التي يعرفها الجميع باسمها الأخر بدرية الخطيب، وقبيل افتتاح المعرض بوقت قصير انتبهت للرجل الواقف بجانبي وقد كان يرتدي ملابس عادية، لكنه يبدو غريبا عن الوسط ، فأغلب المترددين على المناشط الثقافية بدار الفقيه حسن يعرفون بعضهم حتى وإن غابت الأسماء عن الذاكرة، ويبدو أن هذا الرجل كان يبحث أيضا عن شخص يتبادل معه الحوار، فتبادلنا التحيات والمجاملات لنصل بعدها إلى التعارف حيث بادر بتقديم نفسه بلغة عربية سليمة ( فلاديمير جوموف سفير الاتحاد الروسي في ليبيا ).
دهشت من بساطة تقديم نفسه وطريقة تواجده، حيث جاء للمعرض بمفرده، ودون مراسم خاصة، ويقف وسط الناس وكأنه واحد منهم.
تم افتتاح المعرض وتبادلنا الحديث عن اللوحات التي ضمها المعرض مع أصحاب اللوحات والحاضرين، وتكررت زيارات السفير للمناشط الثقافية والفنية وتوثقت العلاقة بينه وبين عدد من الكتاب والفنانين الليبيين وأصبح يوجه لنا الدعوات في المناسبات الروسية الرسمية كالاحتفال بالعيد الوطني لدولة الاتحاد الروسي.
استمر فلاديمير جوموف سفيرا للاتحاد الروسي في ليبيا حتى فبراير 2011م، حيث اتخذ موقفا غريبا مناقضا لرأي حكومته فقد كان معارضا لعدم استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) في أثناء التصويت على قرار التدخل الغربي في ليبيا وكان مؤيدا قويا لنظام القذافي يعلن بأن امتناع روسيا عن التصويت كان خطأ كبيرا، الأمر الذي اثأر غضب الرئيس الروسي (ديميتري مدفيدف) الذي أقاله من منصبه، وأعاده إلى روسيا مغضوبا عليه.
بقى فلاديمير جوموف مغضوبا عليه من حكومته لعدة سنوات، لكن المراجعات السياسية الروسية أثبتت صحة موقفه، فقام الرئيس الروسي باستدعائه، وأعاد له اعتباره في حفل رسمي، ثم عينه سفيرا في موريتانيا.
فلاديمير جوموف كان مثالا للسفير الذي يحترم عملة والدولة التي تستضيفه، وله قدرة كبيرة على التواصل مع الناس وربط علاقات ثقافية واجتماعية معهم.