د أبوالقاسم عمر صميدة
خلال أزمتي الصحية، بقيت عدة أيام في غيبوبة، ولكن علق في ذاكرتي حوار مهم جري بيني وبين مريض كان ينام بالقرب من مكاني، فذات ليلة شتوية قاسية شعرت بتعب شديد وألم فقلت لذلك الرجل وكان اسمه سليم؛ يا سليم أعتقد انها ليلتي الأخيرة، فقال لي : ماذا بك؟ فقلت له : أشعر بتعب شديد واظنها النهاية قد لاحت، فقال لي : اسمع الموت كتاب والموت يأتي بعيدا عن المرض، ثم قال لي :هل تحس بالتعب والألم؟ فقلت له :نعم، فقال لي: اذا أنت لازلت حيا، انظر لو شعرت بالسعادة والراحة فأنت ميت، لأن الموتى يذهبون عند أرحم الراحمين، هناك ليس فيه مرض ولا وجع ولا خوف، هناك ملائكة الرحمان يستقبلون المؤمنين بالتراب والحبور، ثم قال لي: ما الذي يشدك للحياة؟ وماهو العامل الحاسم الذي يجعلك تخشي الموت؟ خذ قسطا من النوم واذا أصبحنا سنكمل حديثنا وتصبح على خير، نمت وفي الصباح استيقظنا فسألته ان نكمل حوار حافة الموت، فقال لي : اي حوار؟ فقلت له كلام البارحه فاجأني بأنه لا يعلم عن البارحة اي شيء، فقلت له : آسف يبدو أنني اهذي البارحة،
ومرت الايام لكن صدى ذلك الحوار الغريب مازال يطرق سمعي كلما شعرت بالحزن او الألم، فالموت كتاب واجل وليست مرض واغلب من يموتون يتمتعون بصحة جيدة، ثم إن أقدار الله فيها من اللطف والرحمة اكثر مما نتصور نحن البشر، فالله كتب على نفسه الرحمة واللطف وهو الرؤوف الرحيم سبحانه وتعالى عما يصفون علوا كبيرا،
بعد أيام خرجت انا وجاري سليم من غرفة العناية المركزة بينما ذهب غيرنا الي مثواه الأخير، نسأل الله الجنة والرحمة لموتانا وموتى المسلمين أجمعين.