منصة الصباح

عندما يكون الإبداع وجها للمقاومة

حنان علي كابو

في حياة المبدع محطات كثيرة سواء الإبداعية أو العادية ،في أحدها يقف كثيرا يتأمل يجادل يتنصر ،وينهزم ويقاوم حد ابداعه وتفانيه في التميز

تظهر لنا الحياة شراسة لم نعدها وفي المقابل يجد المبدع الف طريق وباب يقف شاهرا تحديه ووجعه وهل ثمة مقاومة كصورة فوتوغرافية ولوحة تشكيلية وصور متحركة وعزف منفرد على مقامات الروح .

هذا التقرير ، كان فسحة من التأمل في عقل باطن الاخر ليظهر ان المبدع له روح خلاقة تحارب باستماتة.

تحديت نفسي …!

تتنقل الفوتوغرافية والكاتبة فاطمة القرقني بين الكاميرا وكتابة ومضات لعلها تمنحها بعضا من طمأنينة تهديء روعة مدينة مثقلة بالفقد والأسى .

تستهل في مطلع حديثها معي قائلة “الأبداع هو خلق مايحفز علي حمل الكاميرا والخروج بها ،في وضع كمدينة درنة هذة الأيام محاطة بكل ماهو سلبي وحزين ولكن لم أترك الكاميرا وخرجت ورأيت مالم يراه غيري وخرجت بمشاهد جميلة وتحديت نفسي أعتقد هذا هو الإبداع

فاطمة بنت درنة برزت كمصورة فوتوغرافية بمعارضها الشخصية الدولية ،لديها التقاطات باهرة جدا ،وثقت كل لحظة لها في المدينة ،تغرق جدا في تفاصيلها وشوارعها وأزقتها،تعرف من أين تهب اللحظة ديمومتها وكيف توثقها من منبتها هي أبنة البحر والوادي أبنة الطبيعة بكل تحولاتها ومواسمها تؤمن بالقول “الصورة الجيدة هي قصة كاملة ”

السماء جرداء هذه الليلة
الشحوب يكسو الطرقات
لا شيء إلا ثرثرة الرياح
ونور المصباح المرتجف
تري
كيف السبيل
إليك .

بعد اعصار دانيال الذي أطاح بدرنة وأغرق السيل جزء منها وضم البحر الكثير من الأرواح والبيوت من على بكرة أبيها .
اليوم شعرت بالغربة بحثت عنها ولم أجدها درنة اصبحت قطعة ارض

دخلت للمدينة بعد تردد منذ خروجي منها وقت الكارثة اليوم واجهت نفسي وواجهت الألم ،الخريطة الجديدة التي رسمها الوادي علي أجسادنا كل شيء يحكي عن هول ماحدث

تلك الليلة
أنتزع الوحل
حُليك
أبتلعه الوادي الهادر
كانت المياه
جائعة
تلطخ ثوبك الجميل
رحل الحصاد
في جنح الظلام
ذرفت الدموع
بلا رحمة
كانت النجوم
ساهرة
تتأمل سهام الجراح
في ألم صمتك
كنا ننتظر صباحا
متعبا
ليس لنا مكان
فيه.

أيها الوادي
يامن قسمت مدينتي نصفين
أين أشلاء مسيرتي

اي ليل هذا…
..
قادك إلى البحر
قوافل من الشهداء
لهثت خلفك..
..
صباح قاس
بلا قلب
أخبرني آنا
الرفاق
قد رحلوا.

“طموح ومشروع تحد “

من على مقاعد الدراسة يلتقط محمد بوعجيلة من مدينة “شحات الخلابة “سرد حكايته مع الكتابة ،هذا الشاب الشغوف بالكلمة والكاميرا “كان اللجوء للكتابة وقتها لتغيير الجو العام فالمدارس الليبية تعاني من رتابة، تجعل طابور الصباح ممل ومكرر الكتابة بالنسبة لي تحد، ومغامرة وشغف كبير لا ينتهي في مرة كانت كلمة الصباح بعنوان ( لميس رضي الله عنها ) كدت أن أفصل من المدرسة بسبب هذا العنوان وكان عبد الكريم زميلى قد وضعني في ورطة مضحكة صرخت المديرة بصوت عال، لعنة الله عليكم لميس أخذت عقولكم في حين أن لو ركزت قليلا وسمعت كلمة الصباح بالكامل لفهمت أن من بين الصحابيات الصحابية “لميس بنت عمرو “وبإمكان الجميع البحث والقراءة عليها .

في الشق الثاني من ناصية ابداعه يروي بوعجيلة حكايته مع التصوير قائلا “التصوير كان طموح ومشروع تحد آخر أحيانا تستهويني فجأة التقاط الصور والفيديو وتقديم محتوى أو قصة بواسطة الهاتف أكثر من الكاميرا فأنا في الحقيقة لا أملك كاميرا، ولكن متاح لي كاميرات الزملاء ولا أحبذ التصوير بها ،اللجوء إلي تصوير حياة الشارع وأجواء المناسبات الاجتماعية والدينية لأهمية الذكرى الناس الذين يفقدون أشخاص يحبونهم يخشون التصوير وايقاف لحظة من الزمن وفي الوقت نفسه يقولون ياليتنا التقطنا صور وفيديو أكثر من ذلك هنا يلجأ المصور للتصوير لمثل هذه اللحظات أكثر صور وفيديوهات لاقت رواج وانتشار تلك التي تعنى بحياة الشارع والمناسبات الاجتماعية أكثر حتى من تصوير الطبيعة والصور الفنية الأخرى لذا أنا لاجئ دائم للكتابة والتصوير فالصور ما هي إلا نصوص أدبية ثابتة يترجمها المشاهد كلا حسب رؤيته وزاويته الخاصة.

“صانع الجمال “

يملك التشكيلي جمال الشريف القدرة على ابداع وخلق الجمال بلغة حسية وبضربات فرشاة تجسد رؤيته التعبيرية وتسمو بروحه الشفافة لتبرز لوحات يمهر عليها بصمته متفردا يقول حول تعاطيه مع تجربته الفنية

“تصادفنا خلال مسيرة الحياة الكثير من الاحداث والمواقف الانسانية العامة او الشخصية الذاتية ،و يظل الفنان دوماًوقد وهبه الله جميع مقومات صناعة الامل والخلق والابداع قادراًعلى استنباط طاقة الجمال من واقع الاشياء فمن خلال هذه المواقف والاحداث وان كانت مؤلمة او محزنة يكون له القدرة على ابداع وخلق الجمال، ضمن تعبير فني وخلق لغة تعكس روحه القلقة فيمثل ماقد نمر به فى حياتنا محفزومجددا لطاقة الفعل والأنجاز لدى الفنان ، فيحول من خلالها رؤيته ومشاعره ووجهة نظره ضمن منجز مادي تتجسد فيها قيمة الانسان العليا ،التى تسمو على صغائر الامور فيحقق توازنه النفسي ويتجاوز به كل مايقيد او يحد من ايجابيته كفرد فاعل فى محيطه ومجتمعه فيصبح الفن فعل مقاومة لصناعةالحياة وخلق التطور وتجاوز الالم .

“ادرجته سلالم العزف “

ثمانية أشهر ونيف ،وعلى فراش هوائي يمتد نظرها؛ دقات قلبها عائشة الفرجاني عازفة البيانو ،جراء مرض في العظام ،بأمل لايشيخ تهديء من روع اللحظات وتدس في جيب الوقت الكثير من الأماني المحلقة والخطط التي لاحد لها بروح تواقة تحدثتي يومها بأنها حفظت نقوش السقف جيدا أكثر من العامل نفسه

وتقول في دعاابة كعاادتها عائشة “لو يود المعاونة انني في الخدمة
فقد غفل على تقشة هنا وداائرة هنااك سقط سهوا بدون نقش
ولكنها الان نقشت في الذاكرة لا محالة حنونة”
تقول ” تسربت الأيام ? ألا من يلضمها! ألا من يجيرني! وا معتصماااه ثمااتية شهور
شاخت فيها القلوب وشاحت الأبصار عن النور
أصبحت أتلمس وأتحسس النور؛

عثرت عليه ذات يوم في قلبي شهر يقابله شهر تارة في عراك وتارة أمل وخصام ويبقى التسريب ساري
ويبقى عزف البيانو مستمرا
إني أراني في ابنتي “صفاء” أراها شعلة امتدادي اسمعها عزفا وألقنها لحنا وأمرنها واعطيها تمارين العزف واوالتكنيك؛؛
احتويها تارة وأسقط عليها عتابا تارة؛ “كأي أم لازم نتجملو عليهم بإننا كنا خارقين ”

سألتها ماذا عن كتاباتك أرى العديد من المناشير ذات طوابع كوميدي
وفي المقابل الكثير منها يحمل الأنين أراك تكتبين عن الوحدة
و “ضجيج الوحدة صارخ تحجبه العزلة
أدرجته على سلالم العزف فخرج صوت العجز ”

وأيضا تستوقفتي علاقتك بالقهوة حين اتهمتها بأنها تخلت عنك وانضمت للشهور؟
“كما انصرم البن من مخدعه متسللا قبل أن يصيح الصباح وأطلب القهوة منضما متحيزا ومدلي بصوته في صف الشهور”
وهنا كتبت وكأنه الاحباط ”

! صوت الشروق يفتقدني يصرخ بداخلي ويضل الموج يهدر على الرمل
! يلطمك لتكتشف انك في سعادة مزيفة ”

وشدني كثيرا وكثيرا هذا
الأسلوب السيريالي اذا صح التعبير في سرد مائي هلامي الذي نزل كمنشور في صفحتك
(على مشارف التوقيت؛ أعتاب الساعة
على سبيل المثال أبدد الوحش
اتخذ من الدقائق حذاء ليس على مقاسي

أرمم نفسي بطلبية مشتريات الكترونية أماكسها أقف على أقدام الصفحات أطرقها وأرجع منهكة إلى مكاني الذي لم أغادره

حتى للحزن أدوات! لكي تمارس الحزن يجب أن تكون بصحة جيدة.

تقاوم عائشة اليوم بدقائق معدودوة رفقة عزفها الذي تجيده جيدا،وتحاول أن يكون يومها ممتلئا بتفاصيل مزدحمة وضيوف لا تمل وجودهم ولايستثقلون زيارتها .

في روحها المقاتلة بشراسة طاقة مذهلة من العزيمة والاصرار .تبحر في عزفها حتى تعتق الفرح سنوات من المسامرة والدهشة .

[اليوم عائشة تناشد وزارة الاعلام او الاصح وزارة الانسانية تقول اناشدها من باب الاستحقاق مش من باب الشفقة
مثلت بلدي وطني في عدة مناسبات مثلت اسمي واسم كليتي الفنون والاعلام وجامعتي جامعة طرابلس في العديد من المناسبات اذا لم تكن جلها ؛؛

انا اليوم في حاجة لزراعة نخاع عظمي احتاج طبيا لجهااز ماجنتيك إشعاع كهربائي لمواقع الكسور والعمليات لعلاج فيزيائي .

 

شاهد أيضاً

“فرسان المتوسط… من حلم المنافسة إلى واقع الإخفاق المتكرر”

تقرير: سيف الإسلام الطوير مرة أخرى، يغيب المنتخب الوطني الليبي عن نهائيات كأس أمم إفريقيا، …