منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
كراسة ضوء
د علي محمد رحومة
التففجر المعلوماتي الذي نعيشه في هذا الزمن، زمن إنترنت الأشياء، والممارسات التقنية المرتبطة بمختلف خصوصياتنا اليومية، فضلا عن عموميات حياتنا المعاصرة؛ جعلت من هذا العصر عصر الحكمة المبجل..!
لأنه في عالم المعلوماتية، عصب حركة العصر، أصبحت الحكمة هي تطبيقات المعرفة، بلا منازع.. والعلم والفكر وعموم ما نصفه بالفلسفة، أضحى شيئا يتصل بالتطبيق.. أي “فلسفة التكنولوجيا”.. أو “الفلسفة التطبيقية”.. مجموعة اللوائح والتشريعات والإجراءات التي تنظم وتسيّر عمليات الإنتاج المعرفي التقني، وخدمات الأنظمة المعلوماتية بأنواعها.. لا توجد شركة عالمية ناجحة في هذه الأطر بصورة أو بأخرى، لا يلتزم موظفوها ومنتسبوها بنماذج المعاملات التكنولوجية المعتمدة لدى الشركة، والتي هي دوما محل تنافس بين الشركات، لكسب السوق وتطوير العلوم والتقنبات وخدماتها المختلفة.. وإن كل الزبائن والعملاء أفرادا أو منظمات وشركات عليها أن تلتزم في معاملاتها بكل ما تنص عليه آداب التعامل مع المنتجات والخدمات التقنية بالصورة المعتمدة والمتفق بشأنها.
كل هذه الامور تندرج تحت ما يعرف بأخلاقيات المهن المعلوماتية، مثل “أخلاق البرمجيات”، و”أخلاق الذكاء الاصطناعي”، و”أخلاق نظم المعرفة”، وهلم جرا…
ذلك أنها تعتمد “الحكمة” في النظر والسلوك معا.. ففي هذه المجالات العصرية لا بد أن ترتبط المعرفة بعلّيتها… سببيّتها.. فائدتها وفائدة فائدتها.. ضرورتها، ونقدها، ونقد نقدها المتواصل مع تطوراتها، وانعكاسات استخداماتها في المجتمعات البشرية، مختلفة الثقافات… نلاحظ، في هذا الصدد، أن هذه المسألة تتأسس برمتها على مفهوم الحكمة في علوم الحاسوب وبخاصة في النظرية البرمجية؛ حيت تعرّف الحكمة بأنها المعرفة ضمن علاقة. تماما مثلما تعرّف المعرفة بأنها ، بأتها “المعرفة ضمن ع. تماما مثلما أن المعرفة هي معلومات ضمن علاقة.. والمعلومات هي بيانات ضمن علاقة..
وبصرف النظر عن التفاصيل في هذه الجزئية، تبرز الحكمة خبرة مخبورة في علاقة التطبيق والسلوك البشري الملتزم.
عربيا.. هل نحن في عصر الحكمة؟!
لعله من المناسب الآن، أن أعرج قليلا وفق بعض أصولنا المعرفية العربية الحقيقية، فنحن نرتبط بالحكمة ارتباطا وثيقا؛ وبخاصة في أسس اللغة والثقافة…
الحكمة في لغتنا العربية، تعني كثيرا من المفردات ذات الصلة بمعاني العقل، ونتائجه. فهي العلم، والتفقه، والعدل، والعلة، والحِلْم، والكلام البليغ.. وقد تعني قديما بعض العلوم، مثل الكيمياء، والطب، والفلسفة، والمنطق…
ويستند معناها أساسا إلى الخبرة، والتبصر بالحقائق.. فالحكمة دائما لدينا عين الحق والصواب… وهي مشتقة من (حَكَمَ)، بمعنى قضى، وفصل في الأمر.. وحكم فلاناً منعه وردّه، ومنه الحُكْم والحكومة وتدبير الأمور والتصرف.. والأحكامُ الأوامرُ والنظامُ النسق والترتيب.
يتبع.
