حـديـث الثـلاثـاء
مفتاح قناو
كانت الإذاعة الليبية هي أهم وسائل التلقي والاستمتاع لدى المواطن الليبي في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، إضافة إلى العروض المسرحية المتباعدة، وما تقدمه شاشات السينما من أفلام، لكن يبقى للإذاعة الليبية، رونقها الخاص فهي الأقرب للمتلقي الليبي، تخاطب وجدانه بما تقدمه من أعمال درامية أو غنائية، ليبية النكهة، كتابة وتمثيلا، أو لحنا، وغناءً .
في هذه الأجواء الجميلة استمع جيلنا، واستمعت أجيال سبقتنا وأخرى تالية لنا إلى عدد من الأصوات الغنائية الليبية المتميزة، وكان في مقدمتها فنان مبدع كبير امتلك صوتا قويا جذب لصوته وأعماله المستمعين من كل الأعمار، رجالا ونساء، شبابا وشيوخ هو الفنان المبدع عبد اللطيف حويل .
مع افتتاح الإذاعة الليبية عام 1957م، كان الفنان عبد اللطيف حويل من أوائل من التحق بها، وقدم من خلالها أروع الأعمال التي حفرت له مكانا في وجدان وذاكرة المستمع الليبي.
استمتعنا كثيرا بإعماله الغنائية حيث كنا في البداية صغارا تهيم مخيلتنا بتلك الجارة التي رحلت، وسكنت بعيدا عن الحارة، فكيف للعاشق الولهان أن يجدها، وهي لم تترك من أثرها ما يدل على مكانها.
( غير كيف تبيني نلقاك، دلّينـي حتى بأمارة )
ويكبر الإنسان ويكبر معه الحلم ويمر بالكثير من المواقف العاطفية أو الاجتماعية التي يشعر فيها بعزة النفس فيردد مع الفنان عبد اللطيف حويل
( نفسي عزيزة ما تروم الجافي، ماتميل كانش للحبيب الوافي )
أو يقع المحب في حيرة من اختياراته المتقلبة، ومواقفه الحياتية المتغيرة، فيبحث عن من يستشيره، لكنه يعود إلى قلبه ويصدح مرددا مع فنانه المحبوب
( بنشاوك يا قلب رد الشيرة، عاللي جفا بعد المحبة خيره )
وقد يسهر من هجره الأحبة، يؤرقه التذكر، ويكتوي بنار الفرقة، فيغني لعينيه طالبا منها أن تنام
( علاش سهرنين يا عيوني، علاش سهرنين، أحبابي نسوني كذابين، يا عيوني )
وعلى هذه الوثيرة غنى الفنان الكبير عبد اللطيف حويل عشرات الأعمال الغنائية الناجحة التي ارتبطت بوجدان الناس، أحبها الجميع وقُدمت في العديد من الحفلات الفنية الساهرة داخل ليبيا وخارجها.
ويمكن الإشارة إلى حالة التهميش التي تعرض لها المبدع الكبير عبد اللطيف حويل حيث لم يتم تكريمه في بلاده لعقود طويلة، بينما يتم تكريمه والاحتفاء به في دولة تونس.
فعبد اللطيف حويل هو أغنية المدينة المهمشة، وعندما نقول أغنية المدينة لا نقصد مدينة طرابلس فقط بل الأغنية بطابعها ألمديني في طرابلس أو بنغازي أو غيرهما .