عبد الرزاق الداهش
———
في ليبيا، اختفت ورش النجارة، ولم يبقَ منها إلا القليل، مع دخول الأبواب التركية، والأثاث الصيني، وربما المالطي.
وفي ليبيا، يمكنك أن تجد كل أحذية العالم، إلا الحذاء الليبي، بما في ذلك الحذاء المخصص لدخول دورات المياه.
وأصبح السوق الليبي (فترينة) لعصائر كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، عدا العصائر الليبية، لأنها مجرد كذبة، وزيادة ماء… وزيادة سكر.
حرس الجمارك الليبي ربما هو الوحيد في العالم الذي لا وظيفة له سوى مشاهدة الحاويات في الميناء، والنجوم في السماء.
لا “شجّع صناعة بلادك”، ولا بطيخ! أما الزراعة، فقد صرنا نستورد حتى الجزر من تركيا.
كم من قرارات الإعفاء صدرت! مرةً لإنزال الأسعار، وأخرى بحجة المنشأ العربي.
وعندما يُضبط المسافر الليبي وبحوزته أربع حبات تمر في رأس جدير، فكأنه يهرب مخدر الحشيش!
لا يوجد اقتصاد يتحدث العربية، وآخر يتحدث الهوسا، هناك اقتصاد واحد داخل إطار الدولة الوطنية.
الإعفاءات الجمركية، إلى جانب العيون المغلقة بورق “البخشيش”، كسرت ظهر شيء اسمه الصناعة الليبية.
وهكذا، صرنا بجسرين، جسرًا بحريًا لبواخر النفط المغادرة، وجسرًا بحريًا لبواخر السلع القادمة.
يا سادة، الرسوم الجمركية ليست أداة جباية، بل هي جندي لحراسة الاقتصاد الوطني.
وإذا كنا نريد صناعة، وتنويع مصادر الدخل، وباقي الشعارات المناسبتية ، فلا بد من حائط حماية جمركي أولًا.
وكذلك مصرف صناعي للتمويلات، وتعليم فني وتقني لإنتاج رأس مال بشري، وبيئة عمل حقيقية، بعيدًا عن “تمزريط” نريد تعيين، نريد إفراج.