منصة الصباح

كلنا إرهابيين!

كلنا ارهابيين!

أ~عبد الرزاق الداهش

مدينة تفقد قرابة خُمس سكانها، ونحو ثلث بناياتها، وكامل معالمها.

أليس من حق أهلها أن يغضبوا؟ أليس من حقهم أن يرفعوا طبقة صوتهم، وأن يفرّغوا كل ما في صدورهم؟

هناك من فقدوا عائلاتهم، وهناك من فقدوا منازلهم، وهناك من فقدوا اقاربهم، واصحابهم، وذاكرة اماكنهم.

هؤلاء علينا فقط أن ننصت إليهم بثلاثة آذان، وعلينا أن نراهم بثلاثة عيون، ونحسهم بقلب أخر يتسع لحزن الكون.

بيوت بكل ساكنيها تحولت إلى مقابر جماعية، سيارات بكل راكبيها تحولت الى مقابر جماعية ورائحة الياسمين صارت رائحة للموتى.

فهل سنطالب منهم أن يناموا على مخدة نسيانهم؟ هل سنطلب منهم بأخذ ارجيلة صمتهم، أو يتمددون امام جامع الصحابة؟

من حق أهل درنة أن يوزعوا اتهاماتهم، ويوزعوا اداناتهم، وحتى لعناتهم.

اهل درنة هم من يملكون حق الفيتو على الجميع، ولا احد يملك حق الفيتو على أهل درنة.

من بقوا من اهل درنة يخجلون من نجاتهم امام امواتهم فدعوهم يتكلمون، يصرخون في وجه الفاجعة.

فشرعية الفقدان الموجع، وشرعية الخسائر الكبيرة، أقوى من كل الشرعيات، والمنتهية الصلاحية.

واذا كان أهل درنة ارهابيين، فكلنا من سلالة الارهاب وأولادنا، وامهاتنا، وحتى ابراج حمامنا خلايا ارهابية.

درنة ستعود إلى نفسها، وستعود إلى مزهرياتها الزاهية، واصبوحاتها الجميلة، ومسرحها المعلم.

درنة ستعود، وسيرحل الراحلون.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …