بقلم /إبراهيم تنتوش
أعداء الأمة بمكرون الليل والنهار ويكيدون لها الليل والنهار وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال الراسيات لا يتركون باباً للفتنة إلا وطرقوه ولا طريقاً إلا وسلكوه كل ذلك أملاً منهم في السيطرة على مقدرات هذه الأمة التي حباها بهاريها وخصها بها فالخيرات التي تمتلكها أمتنا تعتبر مقومات قيادة العالم أجمع لو حققت هذه الأمة الشرط الوحيد المطلوب منها ألا وهو تحقيق معنى العبودية لله عز وجل المطلقة والتي ترتكز على قاعدة حاكمية الله للكون وتطبيق شرعه الحنيف في حياتها واقعاً ملموساً فلو وضعنا خارطة العالم ونظرنا إلى موقع الأمة العربية التي خصها بها الله عز وجل من دون الأمم بأن يكون خاتم النبيين منها، وخصها بالموقع الجغرافي الذي يتوسط الكرة الأرضية وما أوجد فيها من خيرات وثروات تمثل عصب الحياة البشرية أقول فعلاً لو نظرنا نظرة تدبر وتفكر لعرفنا قيمتنا وعرفنا السبب الذي جعل أعداء الأمة بتكالبون علينا.. فقط من باب التذكير لاغير.
أمتنا العربية تسيطر على المنافذ البحرية مثل جبل طارق وباب المندب ، الأرض العربية تحتضن في باطنها من الكنوز ما الله به عليم (نفط، غاز، ذهب، يورانيوم، حديد، …الخ) من المعادن مساحات زراعية واسعة بإمكانها تمويل العالم بأسره، ثروات حيوانية وسمكية وقوة بشرية.
كل هذه المقومات هي مصادر القوة التي تقوم بها الأمم، ولكن للأسف الشديد مثل ما يقول المثل الشعبي «خيرنا لغيرنا».. فخيرات بلادنا تقوم عليها الصناعات الضخمة في الدول الأخرى ونحن نعيش فقط لسد الرمق ونراقب الآخرين عن بعد، كل ذلك لأننا لم نحقق فعلاً معنى العبودية الحقيقية لله عز وجل انطلاقاً من الآية الكريمة «وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليتسخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً».
وقد يقول قائل إننا لم نعبد الأصنام فنقول له إن عبادة غير الله لها صور متعددة الوضعية التي تخالف النصوص الشرعية هذه مقدمة لما نعانيه من واقع أليم ومتشابه سواءً في طرابلس أو إدلب تكالبت علينا الدول من كل حدب وصوب ليس حباً في الشعب الليبي أو الشعب السوري وإنما في خيرات تلك البلدان وموقعها الجغرافي المهم فطرابلس وإدلب تعتبران من اواخر معاقل وحصون الثورات العربية والغرب الحاقد وبيادقه في المنطقة يمكرون الليل والنهار لإطفاء شعلة الحرية فيهما.
فمن يعملون ضد شعوبهم لا يطيقون أن يروا شعوبا عربية مسلمة حرة أبية ولا حكومات تنبع من إرادة الشعوب وتحقيق مطالبهم وتطلعاتهم.
من هذاالمنطلق صارت هاتان المدينتان أختين في المصير والمستقبل وارتبطنا أرتباطاً وثيقاً بحكم العداوة والمكر الذي يحاك ضدهما من أعداء الأمة بل وأعداء الإنسانية بالكامل، فالمجازر التي نراها بصفة دائمة وسكوت الآخرين المتشدقين باحترام حقوق الإنسان ما هو إلا تواطؤ من الجميع في الجريمة طالما أن الضحية هو المسلم.
وعليه يجب على الثوار الحقيقيين بالدرجة الأولى وعلى جميع الشعوب في الغالب أن يعوا هذا المخطط الجهنمي الذي تدار مجرياته من خلف الكواليس وبمشاركة بعض الخونة من بني جلدتنا ويعملوا طبقاً لهذا التقييم فاعداء الثورات يرسمون خطة واحدة لتنفيذها ضد طرابلس وإدلب في الوقت الذي نرى أن هناك من لم يرقى مستوى تفكيره إلى هذا المستوى وبعد النظر ولا يزال يتقوقع على نفسه داخل حدود سايكس بيكو التي يجب أن تتجاوزها الثورات العربية ضد الأنظمة الفاسدة والتي جاءت فقط للإشراف على إذلال الشعوب العربية وقهرها.. فإذا كان أعداء الثورات العربية هم بأنفسهم تجاوزا تلك الحدود المصطنعة فلماذا الشعوب العربية التي تتطلع للحرية لا تفعل ذلك.
الحشود حول طرابلس من كل حدب وصوب (ومن مختلف الدول) يدكون البيوت على من فيها من نساء وأطفال ولا يبالون ، فهل بعد ذلك نعيب على من تحمل أعباء المسؤولية في العاصمة وطرق أي باب لتخفيف المعاناة على أهالي العاصمة؟. يجب علينا كسر الحدود والحواجز كما كسرها الآخرون وننظر بعين شعوب الأمة التي تتطلع للحرية والانعتاق بعيداً عن المطالب الحزبية والفئوية والقطرية التي شوشت على المطالب الحقيقية وأهداف الثورات العربية وتسببت في تراجع الثوار وانزوائهم، ولا ننسى الأخذ بأسباب النصر التي من أعظمها (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) .. فهل من مجيب ؟.