بقلم /إبراهيم تنتوش
الذي لا يعرف الشعب الأفغاني عن قرب يبقى ضحية القنوات الاعلامية ورهين لمن يسوّق بضاعته من خلال قنواته ووسائل إعلامه.
غالبية الشعب الافغاني طبقة غير متعلمة في العلوم الدنياوية نظراً لظروف الاستعمار الشيوعي البغيض الذي لا هم له إلا سرقة خيرات الدول التي يستعمرها، ولكنه شعب متدين في غالبه ويحترم العلماء ورجال الدين إن صح التعبير فكلمة المشايخ والعلماء هي الفيصل في كل شئ عندهم.
لا أريد أن أتطرق إلى كيفية نشأة حركة طالبان منذ البداية لأنه ليس موضوعنا ولكنني في هذا المقال سوف نمر مرور الكرام على بعض النقاط الجوهرية ذات القيمة العملية والتي من شأنها أن تكون مبادئ ونقاط قوة لأهل الاختصاص سواء كان في السياسة أو في الحرب.
العقيدة القتالية التي تنطلق منها حركة طالبان بكل تأكيد غير العقيدة القتالية للجيوش الكافرة المعتدية على أفغانستان، هذا أمر لا يتناطح فيه عنزان.
رحم الله الملا محمد عمر أمير الحركة؛ في بدايتها عندما قال ولازالت كلماته منقوشة في الأذهان عندما جيشت إمريكا العالم لغزو أفغانستان حين قال «لقد وعدنا الله بالنصر ووعدتنا أمريكا بالهزيمة وسوف نرى أي الوعدين سيتحقق ولقد أطال اللهر في عمرنا حتى رأينا تأتي وهي راكعة وراضخة تستجدى حركة طالبان في توقيع الاتفاقية معها لتأمين إنسحابها من أفغانستان .
الرضوخ لحرمة طالبان لم يكن وليد الساعة بل هو منذ سنوات طويلة من اليوم الذي تم فيه افتتاح مكتب سياسي في قطر كان هذا الافتتاح شبه اعتراف رسمي بالحركة وي نفس الوقت إعلان الهزيمة طريقة دبلوماسية أكثر شروط الحركة واضحة منذ البداية ومن اليوم الأول ولم يتغير منها شئ مع التعنت الامركي الذي يبدو أنه لم يقرأ على عقلية رجال قبائل البشتون الأفغان ويدرسها جيداً لكي يعرف المفاتيح التي من الممكن الوصول إليها معهم في التفاوض في النهاية رضخت أمريكا للشروط كاملة بعد سنين.
أنا أعرف أنهم خلال هذه السنين كانوا يشتغلون على منظومة تدمير الأخلاق والقيم داخل الشعب الأفغاني المحافظ ولكنهم نسوا أن الشعب الأفغاني نفسه قد ذاق الويل من المليشيات العسكرية التي كانت تقطع الطريق وتبعث الرعب في قلوب الناس إلى درجة أن الناس لم تعد تأمن على بناتها ونسائها في الليل فتبيت تحرس البيوت ليلاً للحفاظ على أعراضها من المجرمين إلى أن يبزغ نور الأمن والأمان الذي وفرته الحركة من ولايات الجنوب الافغاني إلى أن أشرق في ولياة قندوز على الحود لطاجيكية شمالاً.
لا أريد أن أتطرق إلى بنود الاتفاقية فقد قام الزملاء بنقلها في أعداد سابقة ولكنني هنا كما أشرت سابقاً نوريد أن نرى المبادىء الرسخة التي انظلقت من أول يوم في الجهادضد العدو الخارجي على أفغانستان.. أهم تلك المبادئ هو أن إمارة افغانستان الأسلامية دولة ذات سيادة ولا علاقة لأمريكا بها أبداً وليس من حقها أن تضع شروط وتسن قوانين لكيفية نظام الحكم الداخلي في البلاد.
وهذا الاتفاق التاريخي يبعث رسائل متعددة وفي اتجاهات مختلفة منها رسالة للعاملين للإسلام تقول أن هذا النجاح التاريخي للحركة ما كان له أن يكون لولا فضل الله وتوفيقه، ثم ثبات الحركة على مبادئها التي قامت من أجلها، وأعظمها تطبيق الشريعة والقوانين الاسلامية في حياة الناس، وكذلك وفائها لأمتها الإسلامية وضرب أمثلة في الصبر والثبات والتضحيات في طريق جهادها وفرضها لشروطها بحضور عددها الفاعل في الميدان ورسالة أخرى للعالم كله أن ما عجزت عنه 19 سنة من الحرب العالمية بقيادة أمريكا على ما يسمى بالإرهاب بدأ يتحقق من خلال الحوار والجلوس مع أصحاب الشأن والتفاوض والاستماع إلى مظالم الجماعات والشعوب الإسلامية فالحوار السلمي هو المخرج الوحيد لتفادي الحروب وإعطاء كل ذي حق حقه بدل الغطرسة والبوليسية التي تمارسها أمريكا أولا، ومن على شاكلتها من دول العالم، فهل تعي الصين وروسيا والهند هذه الدروس وتعطي للمسلمين حقوقهم الآدمية والدينية؟ وهل يعي الليبيين هذا الدرس أيضاً ونرمي السلاح جانباً بدل ممارسة الحرب بالوكالة عن أعداء الدين والملة.
اللهم رحماك بنا