منصة الصباح

شَرْمُولَة… وَإِذَا ابْتُلِيتُمْ فَاسْتَتِرُوا

باختصار

ما الذي يريده بعض المحسوبين على شريحة الإعلاميين حينما يستسهلون الإثارة الرخيصة على حساب رسالة الإعلام الحقيقية؟ أهو البحث عن الترند؟ أم هو الوصول إلى الشهرةوالأضواء بأي ثمن؟ يبدو أن (رجب بن غزي) وبرنامجه الذي أسماه (شرمولة) اختار هذا الطريق، طريق الشهرة الرخيصةعلى حساب الدين والقيم، والعادات الأصيلة للمجتمع الليبي المحافظ.

      في حلقته الأخيرة، استضاف فتاة تدعى وسن، قدمها على أنها فنانة، بينما يعرفها جمهور مواقع التواصل الاجتماعيبظهورها الدائم في لباس فاضح، وألفاظها الخادشة للحياء، وترويجها لصورة سلبية عن الفتاة والمرأة الليبية.

      أبهذا المثال أراد أن يمثل النساء الليبيات؟ أبهذه الشخصية الفارغة يراد أن تصدر صورة المرأة في ليبيا؟ أين نساؤنا الناجحات، العالمات، الطبيبات، الإعلاميات، الرائدات في شتى المجالات؟ لماذا تجاهل القدوات الحقيقيات ليستجلب لنا بين الحين والأخر نماذج مثيرة للجدل لا تحمل في جعبتها سوى البكاء المفتعل وسرد حكايات شخصية لا تزيد الفتيات إلا تيهاً وضياعاً؟

     في اللقاء، صرحت الضيفة بجرأة قائلة: (أول مدمر للإنسان هي عائلته وأنها (تكره والدها)، عبارات تختزل قلة الوفاء وتنشر ثقافة العقوق والتمرد داخل الأسرة الليبية، بينما الإسلام ومجتمعنا المحافظ يضع الأسرة في أعلى مراتب القدسية، ليس هذا فحسب، بل إنها صرحت بأنها لا تجد أي إشكال في أن تحكي كل تفاصيل يومها على الملأ، مادام الجمهور يريد ذلك،وكأن ستر الحياة الخاصة لم يعد من شيم الليبيين، وكأن بن غزىوضيفته لم يسمعوا بالحديث الشريف: إذا ابتليتم فاستتروا…؟  

     ليس هذا فحسب، فقد أخذت تمدح ما يعرفن ببنات السلطانة، اللواتي لم يعرف لهن مهنة أو دور سوى التشويه العلني لصورة المرأة الليبية على المنصات، بل وتدعى لهنبالتوفيق…. توفيق في ماذا؟ في المزيد من الانحطاط؟

      هل يدرك (بن غزي) أن جوهر رسالة الإعلام هو بناء وعي المجتمع، وصون قيمه، وتقديم النماذج المشرفة التي ترفع من مكانته وتكون قدوة للأجيال الصاعدة؟ أم أنه يجهل أن (شرمولته) لا غاية له إلا الاستخفاف بالعقول، والتحدي السافر للأعراف، والاعتداء على قدسية الدين ومبادئ الأخلاق، في استفزاز مباشر للأسر الليبية كافة؟

      هل يدرك (بن غزي ومن معه) حجم الاستفزاز في تقديمه لهذه النماذج على شاشة يشاهدها الصغار والكبار داخل بيوت الليبيين، في مجتمع محافظ يستند إلى الدين والقيم، ثم يسوق ذلك على أنه جرأة وحرية إعلامية؟

    ألا يعلم (بن غزى) أن الحرية إذا تحولت إلى منصة إلى تسويق التفاهة، وتبرير الانحلال، وإسقاط الحياء، فهذه ليست حرية، بل إساءة متعمدة وتلاعب بمفهوم طالما ارتبط بالأخلاق المهنية والوعي والمسؤولية؟

       ألا يعلم (بن غزي) أن الحرية ليست سيفاً مسلطاً على قيم المجتمع، ولا ذريعة لتمزيق عرى الدين والتقاليد، بل هي التزام بالمسؤولية قبل أن تكون ادعاء للجرأة؟، ألا يعلم أن ما يقدمه عبر شرمولته ليس سوى فوضى إعلامية، تتعارض مع أبسط مقومات الرسالة التي يفترض أن يحملها الإعلام.  

  ولكن، أين الجهات الرقابية والإعلامية من هكذا برامج تخدش الحياء وتستفز المجتمع؟ وأين المؤسسات الأمنية من ضيوف يثيرون الفوضى الفكرية ويقلبون القيم رأسا على عقب؟ وأين المنظمات والجمعيات الحقوقية النسائية التي لطالما رفعت شعار الدفاع عن المرأة؟ أم أنها شريكة صامتة، توافق ما يعرض، بل وتمنحه شرعية ضمنية بعدم النقد والاعتراض؟

      إننا في ليبيا مجتمع محافظ، بصرف النظر عن الحوادث التي قد تحدث بين الحين والآخر، نحتكم إلى الإسلام قبل أي عرف أو قانون، وما يجري عبر هذه البرامج ليس سوى طعن في عمق هذا الانتماء، بل ولا يتفق مع الدين ولا مع العرف ولا مع القانون، فالإعلام ليس لعبة عبثية للبحث عن الشهرة السريعة، ولا مسرحاً لعرض الانحلال تحت لافتة الحرية.

د.علي عاشور

 

 

شاهد أيضاً

المصرف المركزي يطرح شهادات إيداع جديدة بقيمة 15 مليار دينار لتعزيز الاقتصاد

المصرف المركزي يطرح شهادات إيداع جديدة بقيمة 15 مليار دينار لتعزيز الاقتصاد

أعلن مصرف ليبيا المركزي عن طرح شهادات إيداع المضاربة المطلقة بقيمة إجمالية تصل إلى 15 …