سلامة المرضى
د.علي المبروك أبوقرين
بالأمس القريب احتفل العالم بيوم سلامة المرضى ، وكالعادة تصدمنا إحصائيات مرعبة للعدد الهائل من الوفيات نتيجة الأخطاء الطبية، وهذه احصائيات دول متقدمة علميًا وتكنولوجيا، والأطباء خريجي الجامعات الاول في ألعالم ك، وتحصلوا على تعليم راقي وتدريب سريري متقدم باستخدام أحدث التكنولوجيا الطبية المتطورة، ويخضعوا لنظام صارم في التعليم والتدريب المستمر وقياس الاداء والحوكمة ، ونظام تتبع لكل إجراء طبي من عمله وكيف عمله وصحة عمله وما الذي كان يجب أن يعمله ، والذي لم يكن يجب عمله، وتقارير متوالية تبداء من التقرير الشخصي الذي يدونه الطبيب بنفسه على نفسه لكل مريض ولكل إجراء، وتقارير يعدها الاقران على بعضهم، وتقارير تعدها اللجان المتعددة ومنها مؤشرات الاداء، وسلامة المرضى، ومكافحة العدوى، والمضاعفات والوفيات، والإدخال والإخراج، ومدد الاقامة وإعادة الإدخال، ولجان الجودة والإعتماد، واللجان العلمية وكبار الأطباء وهلم.
وهذا كله في مؤسسات صحية تعتمد على نظم إدارية حديثة والكترونية وملفات طبية دقيقة لا تغفل لا شاردة ولا واردة، ولا مجال في ضياعها او اهمالها او تعرضها للخطأ ، ونظام استلام وتسليم دقيق ومفصل بين كل الورديات والمناوبات بين الأطباء وبعضهم ، والتمريض والفنيين وبعضهم الذين في مجملهم خريجي كليات تمريض من جامعات عريقة ويحملون درجات علمية تخصصية دقيقة، وكل هذه الإجراءات وغيرها من نظم العمل في الأقسام التشخيصية والعلاجية والتاهيلية، لضمان جودة الخدمات الصحية وحصول المرضى على علاجهم الصحيح في الوقت المناسب على أيدي أطقم طبية وطبية مساعدة مؤهلة ماهرة ومدربة، وقادرة على القيام بأعمالها كما يجب أن تكون، وبمستشفيات ومراكز صحية معتمدة من هيئات إعتماد معروفة دوليا، ومع هذا لا تقف عند هذا الحد وانما تخضع لأنظمة أخرى مسؤولة من الهيئات المختصة الحكومية والأهلية، والنقابات المهنية المختصة وسلسلة طويلة ومعقدة فقط لضمان سلامة المرضى، ومع هذا تفاجئنا كل عام إحصائيات صادمة وعدد وفيات عالي نتيجة الأخطاء الطبية، وهذا بالضرورة يطرح التساؤل ماذا عن حال الممارسات الطبية في البلدان التي جامعاتها غير معروفة دوليا، وانظمتها التعليمية لازالت من القرن الماضي، وكليات الطب تفتقر لأبسط متطلبات التعليم الطبي، ولا تتبعها مستشفيات تعليمية، وأعضاء هيئات التدريس العاملين بها قد لا تنطبق المواصفات في جلهم ، والتدريب السريري قد يكون غائب لافتقاد كل المقومات، وشهادات تخصصية محلية او غيرها لا تختلف كثيرًا عن بعضها، ومستشفيات تفتقد لكل ما ذكر أعلاه في مستشفيات الدول المتقدمة، وهذا في منظومة المستشفيات الجامعية او ما يقال عنها ذلك، فما بال باقي المستشفيات العامة والقروية والمصحات الخاصة والأهلية المخالفة في معظمها لكل متطلبات تراخيص الانشاء والمزاولة، وتفتقر لكل متطلبات العمل الطبي والمعايير الصحية، ولا وجود إلى أي من اللجان المختصة لمتابعة وتقييم العمل الطبي ونتائجه، وماهي تخصصات الأطباء ودرجاتهم العلمية وسجلات التدريب والتأهيل والأبحاث والدراسات والاوراق العلمية المنشورة في المجلات الطبية المتخصصة العالمية والمعتمدة، وكذلك باقي القوى العاملة الصحية من تمريض وفنيين ومؤهلاتهم العلمية والمعاهد العليا والجامعات التي تخرجوا منها وانظمة التدريب المستمر وتقييم الاداء الوظيفي، ومن يتابع نتائج اعمالهم، ومن يحاسبهم عليها، وكيف تتم مراجعتها وحسابها، والاخطاء الطبية عالميا كثيرة ومتعددة، ومضاعفاتها جسيمة تصل الى الوفاة، وفي معظم الدول المتقدمة تشكل السبب الثالث للوفيات، ولهذا وبهذه المناسبة التي يحتفل بها العالم سنويًا، أناشد كل المسؤولين في وزارات التعليم العالي والصحة أن يتخدوا الإجراءات العاجلة لتصويب الأوضاع، ووضع الخطط التنفيذية لإصلاح التعلم الطبي الذي يمر بأسوا مراحله، وكذلك لإصلاح النظام الصحي المنهار، والذي تفتت وانعكس على الناس وخصوصًا البسطاء والطبقة الوسطى التي تتلاشى، وتحل محلها الاكثر فقرا، وتفاقم من اوضاعها فاتورة العلاج او عكسه، وفق الإحصاءات العالمية، وبالمقارنة والقياس بالنتائج العالمية للاخطاء الطبية وسلامة المرضى نجد الوضع كارثي، فكيف يستمر هذا الوضع ونحن في هذا العصر، والعالم قرية والعلم متوفر والتدريب الراقي متاح، والإمكانات المالية في صف الدول الغنية، واجيالنا الجديدة متفتحة وذكية، وعندها الحماس والطموح والرغبة في ان يكونوا أمهر اطباء ألعالم، وينطبق ذلك على كل المهن، وللاسف مرضانا بين المطرقة والسندان.
علاجهم في الداخل والخارج سيان، أموال تهدر وصحة تتدهور، والعالم يتقدم، ونحن نصر على التأخر ..
من أهم محددات الخدمات الصحية أن تكون آمنة ويمارسها أناس اقرب للملائكة، متشبعين علم ومعرفة وقدرة ، ومتسلحين بالخبرة والإنسانية
وفي مؤسسات صحية معتمدة مطبقة لمعايير الجودة
الخدمات الصحية الآمنة اساس