بقلم / نجاة الضعيف
جلست في زاوية البيت قرب مدفئتها التى كانت تشتعل.. وتلتهب حرارتها الكفيلة ببعث الدفء في ذلك البيت الصغير .. أما حنايا نفسها فهي باردة .. كأنه جليد المحيط .. فقد أصبحت حياتها فارغة بعد رحيله .. صارت تحيا على الهامش.. فوجوده في حياتها رغم كل الآلام إلا أنه مبعث للدفء .. تجولت ببصرها داخل غرفتها الصغيرة باحثة عن قلمها وأوراقها .. ملاذها في البعد والشوق .. ملاذها في الهجر الذي اختارته بيدها والطريق الذي قررت المشي فيه وحدها وبدونه ..
كانت كلماتها ….. وليدة على السطور .. مرهفة حروفها وخجولة كعذراء الفراشة انبثقت من شرنقتها .. ليقرع صداها أسوار وحصن قلبها ويرتد حزيناً وحيداً مأسوراً بمشاعر الشوق خائفاً من البعد والنسيان الذي اختارته ..�أختارت البعد والنسيان لأنها لم تكن أمامه إنسان .. لأنه ألغى فيها الكيان .. أرادها .. جارية .. مزهرية .. سجينة القصر..منزوية في الأركان .. فطارت كعصفور خائفاً محلقاً بجناحيه مخترقاً كل الصعوبات متتبعاً لوهج مضئ .. في ظلمة الظم .. طارت باحثة عن بقعة ضوء .. تنير مابداخلها وتجمع بين الأنثى والإنسان أمسكت قلمها الصغير لتكتب .. معبرة عن سر الشتاء بدونه.. واللحن الحزين الذي اختارته بكل رضى كان خيراً لها من أن تكون احدى السبابا !! فكتبت .. تقول �سئمت اللحن الحزين .. وبرد الشناء بسره الدفين … ولازال يشدنى إليك الحنين .. ويذيب الشوق أضلعي ..�وطيفك بجوانحي يستكين ..�سئمت بكاء الحمامة .. سئمت دمع العينين .. وتمنيت لو كنت حجرا أصم لايلين .. أهون من الشكوى لطاغٍ مستبد .. مهين. �سئمت كل الحكاية .. ولازلت أتساءل ..؟�كم في الدموع من شكايا؟�وكم في النفوس من خبايا؟�وكم من حمامة .. كم من حمامة ترقص طرباً .. دون أن تدري بأنها احدى السبابا!!�سئمت كل الحكاية .. والدروب طويلة بلا نهاية .. ولازال يشدنى إليك الحنين ويذيب الشوق أضلعي .. وطيفك بجوانحي يستكين…�…………………