د/ابوالقاسم صميدة
أعاد اعلان روسيا عن انتاجها للقاح مضاد لفيروس كرونا ، أعاد للأذهان ذكريات الحرب الباردة وسباق الفضاء ، فبعد اطلاق السوفييت لقمرهم الصناعى ” سبوتنك ” ودورانه حول الارض ، شعر الامريكان بانه عليهم اللحاق بهم ، وقد تسبب الاستعجال والتسابق نحو الفضاء فى مقتل عدد من رواد الفضاء من الجانبين وحدوث خسائر كبيرة ، والآن يتكرر نفس الامر ولكن بمغامرة لحدوث سباق نحو الموت بشكل مخيف ، فإنتاج لقاح روسي سيدفع بضرورة انتاج لقاح امريكى وصينى والمانى وهندى ، وهذا من اجل الهيبة والتنافس وليس لمصلحة الانسان ، وهذا السباق والاستعجال فيه سيخلق بيئة قد تعطى للفيروس فرصة التحول الى ان يصبح اكثر فتكاً وخطورة ، وفى تقرير علمى نشرته صحيفة الغارديان بعنوان “لقد قفزوا إلى الأمام: اعرب كُتاب التقرير عن قلق العلماء بشأن سباق اللقاحات ، ويقول عالم الفيروسات “كيفن جيليغان ” إن التأثير المعتمد على الجسم المضاد “آي دي إي” يشكل “مصدر قلق حقيقي” لأنهم إذا ما “قفزوا إلى الأمام وتم توزيع لقاح على نطاق واسع يعزز المرض، فسيكون ذلك أسوأ من عدم القيام بأي تطعيم على الإطلاق”.
الغريب ان اللقاح الروسي اسمه ” سبوتنك 5 ” فى اشارة الى سباق الفضاء ، ويقول العالم ” كيفن ” انه فى حال تعددت اللقاحات بدون تنسيق وصار التنافس هو الدافع لإنتاجه وحدث التطعيم والتلقيح الجماعي، فإن المخاوف التي أعرب عنها العلماء ستكون حقيقة ماثلة أمامنا، مما يؤكد مخاوف العلماء من أن الباحثين الروس قد قفزوا إلى الأمام.
وبحسب التقرير فإن جزءا من المشكلة هو أن العمل في مجال تطوير اللقاحات في روسيا كان على الدوام غامضا للغاية عمس ما تتطلبه قواعد البحث العلمى فى الطب لدرجة أنه لا أحد يعرف حقا مدى أمانه أو حتى مدى فعالية اللقاح الجديد ، وهكذا فإن التأثير اللقاح وفاعليته وميكانيزمات عمله ونشاطه داخل جسم الانسان وتأثيره على المناعة وعلى الجسيمات المضادة ربنا سيشكل مصدر خوف وقلق للعلماء ، وقد يسبب اى خطأ او سوء تقدير نتيجة للأثار الجانبية او الارتدادية للقاح فى حدوث تفعيل للفايروس وتحويله الى وحش خارج السيطرة خصوصا وان الفيروس يملك القدرة على تعزيز ارتباطه بخلايا الجسم المضيفة بل والسيطرة عليها وهو ما يُعد اخطر من السرطان ، لان السرطان يقتل الخلايا اما الفيروس فيستولى على الخلايا ويستخدمها لتكاثره ويجعلها جزء من مكوناته ودورة تطوره وتزايده وهنا تكمن الخطورة ، وهكذا فمالم يتعاون العلماء وتبتعد السياسة والتنافس والسباقات عن تجارب انتاج لقاح مضاد لفيروس كرونا فإن العالم سيعانى كثيراً وسيخسر كثيراً ، وكل الامل بعد الله سبحانه هو ان يستيقظ ضمير الساسة وان يفهموا ان الفيروس لا يُفرّق بين شرقى او غربي ، بل هو قاتل اعمى وموجة عاتية لا تُفرّق بين ارض وارض .