منصة الصباح

الأمراض المشتركة والصحة الواحدة

د.علي المبروك أبوقرين

 

تشكل الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان تحديات خطيرة ، زادت تعقيدا مع ضعف النظم الصحية البشرية والحيوانية ، وضعف أنظمة الرقابة والترصد والانذار المبكر .

مع زيادة الاختلاط بين الإنسان والحيوانات الأليفة والبرية ، والتكدس السكاني والعشوائيات في بيئات معيشية سيئة ، وارتفاع نسب التلوث في الماء والغذاء والتربة والهواء ، ومصادر تلوث أخرى خطيرة كيمائية واشعاعية .

وانتشار النواقل من الحشرات والقوارض وغيرها ، مع التغيرات البيئية والمناخية ، وتدني التوعية الصحية في ظل أنماط الحياة السيئة التي تعظم من أنتشار الأمراض المعدية والمزمنة والمستعصية .

وزادت خطورة انتشار الامراض مع الصراعات والحروب والهجرة والنزوح ، والأمراض المشتركة منها فيروسية وبكتيرية وطفيلية وفطرية ، وتنتقل في معظمها من خلال اللمس والعض واللذغ واللعاب والسوائل والدم وتناول اللحوم والمنتجات الحيوانية

والتعرض للفضلات والبول ، ومعظم الأمراض المعدية مصدرها حيواني ، وللأسف القارة الأفريقية وللأسباب المذكور تنتشر فيها معظم الأمراض المعدية الخطيرة .

ومنها الإيدز نقص المناعة ، والايبولا وجدري القردة وماريبورج والملاريا ، وحمى الضنك وحمى لاسا وحمى الوادي المتصدع ، وداء الكلب وداء المثقبيات الافريقي وداء التكيسات المائية ، والبروسيلا والليشمانيا والسل الحيواني والجمرة الخبيثة .

مع الزيادة في أنتشار أمراض وبائية أخرى منها الكورونا ومتحورتاها المتعددة ، والحصبة وانفلونزا الطيور المتحول للثديات ومنها الأبقار وسجل أخيرا الانتقال إلى البشر من الأبقار ومنتجاتها والأكثر خطورة ،

ولهذا أصبح ضرورة ملحة وعاجلة اعتماد نهج الصحة الواحدة التي تدمج استراتيجيات صحية موحدة للإنسان والحيوان والبيئة ، واعتماد سياسات صحية موحدة ، وتعديل القوانين لتنظيم تربية الحيوانات والتعامل معها ،

ومع منتجاتها في البيع والنقل والاستيراد والتخزين ، ووضع استراتيجيات لمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية المرتبطة بالحيوانات والبيئة، وتحسين الأمن الغذائي وسلامة المنتجات الحيوانية ،

وتعزيز النظم الصحية في مجابهة الأوبئة والأمراض المعدية بأكثر استجابة واستعداد ومرونة ، والرقابة البيطرية على جميع الحيوانات الأليفة والبرية والضالة ، وضمان ممارسات صحية ومستدامة في التربية والتعامل مع الحيوانات ،

مع ضرورة السيطرة على كل مصادر التلوث البيئ الضار بالإنسان والحيوان ، ومواجهة التغير المناخي الذي يفاقم من انتشار الأمراض ، والحفاظ على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية الطبيعية ،

وتعزيز استراتيجيات وبرامج التوعية المجتمعية الصحية ، وتقديم كل الدعم للبحوث العلمية لتطوير أساليب وبروتوكولات المكافحة والوقاية والعلاجات ، وتعزيز التعاون بين الطب البشري والبيطري والصحة البيئية ،

وضرورة تكثيف الجهود القطاعية ، ووضع الاستراتيجيات الموسعة والبرامج التنفيذية الصارمة للرقابة الوبائية ، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر وأنظمة الرصد والتقصي لصحة الإنسان والحيوان ،

وبناء قواعد علمية للبيانات والمعلومات باستخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي ، ووضع الآليات السريعة والآمنة والدقيقة لتبادل المعلومات بين القطاعات المعنية ،

ومع المنظمات والهيئات الصحية العالمية المختصة ، ووضع الخطط الروتينية الدائمة والطارئة للتطعيم والتحصين الجماعي للإنسان والحيوان ضد الأمراض المشتركة ، منع التجارة الغير مشروعة للحيوانات البرية ،

تكثيف الرقابة لضمان الأمن الغذائي والسلامة والنظافة والممارسات الصحية ، والرقابة الصحية الصارمة على المزارع والمربيين وعلى أسواق الحيوانات الحية ، والفحوصات الدورية وعزل الحيوانات المصابة ،

والتخلص الصحي من الحيوانات النافقة ، وفرض معايير صحية صارمة على إنتاج اللحوم والالبان ومشتقاتها والبيض ، مع الاصحاح البيئي المتكامل لضمان منع التلوث ،

وتأمين مياه صالحة ، وصرف صحي سليم ، ومعالجات صحية للمخلفات والنفايات ، والعمل بمفهوم الصحة الواحدة لحماية البلاد والعباد من الأمراض ، لتحسين جودة الحياة وتقليل المخاطر ، والتغلب على التحديات والتهديدات الصحية.
نسأل الله السلامة والعافية .

شاهد أيضاً

اجتماع لبحث دور القطاع المصرفي في تمويل مشاريع الإسكان

اجتماع لبحث دور القطاع المصرفي في تمويل مشاريع الإسكان

عُقد بمقر مصرف ليبيا المركزي، يوم أمس الأول الخميس، اجتماعٌ حضره محافظ المصرف، ومدير عام …