بقلم /هيثم الدغري
تتلخص الفكرة بإطلاق برنامج تحت مُسمى البرنامج الوطني للتنمية والتطوير يتضمن عدة مشاريع متنوعة المجالات، يُمول من صندوق أهلي (غير حكومي) يجمع أمواله من التبرعات والمساهمات الطوعية سواء الفردية أو المؤسسية يُدار بشقيه الإداري والمالي بكفاءات أهلية ومن الممكن الاستعانة بخيرات دولية في هذه المجالات بحيث يبتعد البرنامج عن سلطة الحكومة وبيروقراطية دروبها ودهاليز فسادها، وينحصر دور الجهات الحكومية في وضع التشريعات المُنظمة والتنسيق واعتماد المواصفات والمتابعة، خاصة في ظل انعدام الثقة هذه المشكلة التي يجب على من يتصدر العمل الحكومي بمختلف أوجهه أن يجد لها حلاً، فحقيقة أن المشكلة التي تأتي في صدارة الترتيب هي مُشكلة انعدام الثقة بين الجميع فنحن للأسف لا نثق في بعضنا البعض والمواطنون لا يثقون في الحكومة وحتى الحكومة لا تثق في بعضها وبالتالي تضيع كل الجهود هباء منثوراً بين التأويل السياسي والتأطير المصلحي.
كما أن هناك كثيرين يرغبون في عمل الخير ويرحبون بالمشاركة في برامج تنموية إلا أنهم لا يجدون الوقت أو سيتدلون على مشروع يلبى متطلباتهم من حيث الثقة في التنفيذ وبالتالي هذه دعوة مفتوحة للمساهمة فى عدد من المشاريع التنموية ضمن برنامج تطويري شامل يُمول ويُنفذ بشكل أهلي بحيث يتفق مجموعة من الأشخاص ويختارون بأنفسهم على سبيل المثال إحدى المؤسسات التعليمية التي درسوا بها ويأخذون على عاتقهم مهمة تطويرها من بابها لمحرابها على رأي المثل بحيث يتعاملون بأنفسهم أو بواسطة جهات يتم تكليفها من قبلهم مع أدوات التنفيذ التي ستقوم بأعمال الصيانة والتطوير بدءاً من اختيار هذه الأدوات والتعاقد معها ومتابعتها إلى تسديد التكاليف، ولتأخذ على سبيل المثال مدارس حيدر الساعاتي وعلي وريث فهل يمكن تصور عدد خريجي تلك المدارس خلال ثلاثين سنة فقط، فلو تبرع خمسة آلاف منهم فقط بمبلغ مئة دينار في السنة للمدرسة الواحدة سيكون المبلغ المُجمع سنوياً تقريبا نصف مليون دينار ويمكن تصور الطفرة التي يمكن أن تتحقق في المدارس مع ملاحظة ان البعض في مقدوره التبرع بأكثر من ذلك، وذات الأمر ينطبق على كليات جامعة طرابلس وغيرها فلو تبرع كل خريج للكلية التي درس بها بمبلغ مائة دينار فقط في السنة يمكن تخمين المبلغ الذي سيتم تجميعه سنوياً.
ورجاءً ثم رجاءً ثم رجاءً من الممكن ان يصل إلى هذا الاستجداء بأن لا يتنطع أحد بالحديث أن هذا عمل الحكومة، ففي هذا الصدد يمكن استحضار مشهد للفنان الراحل خالد صالح في فيلم يعقوبيان بالقول «إن الكل يعتقد أن الحكومة أمه التي خلفته» وهذا ليس دفاعاً على الحكومة بل هي كلمة حق والحديث هنا على الحكومة بعمومها ولا يُقصد به حكومة بعينها، ومن باب التذكير حيث أن الذكرى تنفع المؤمنين يمكن الاكتفاء بإجراء جولة سريعة على المواقع الإلكترونية للجامعات في الدول التي ميزانيات حكومتها بالمليارات لمعرفة ان من مصادر التمويل الرئيسة لتلك المؤسسات التعليمية هي الهبات والتبرعات التي يُقدمها الأثرياء وأيضا خريجو تلك الجامعات وهنا يمكن وضع خطوط تحت كلمة خريجيها،ألا ليت شعري ليت الفكرة تكون وصلت على رأي مُقدمي البرامج بالقنوات الليبية ويتذكر خريجو مؤسساتنا التعليمية الأماكن التي درسوا بها خاصة أن بعضها صار أطلالا أو كاد، فمن المعيب أن يفتح الله علينا وفقا للأرزاق التي قسمها وتبقى المدارس والكليات والمعاهد التي درسنا فيها تئن وتعاني.
أيضا من الممكن تبني فكرة الكراسي المُنتشرة في العالم أجمع بما في ذلك العالم العربي إلا ليبيا واه يا بلد كم تزخر بالخيرات وكم تمنح أبناءك من النعم ولا تلقى إلا النكران والجحود والنقم، بحيث يتم الإعلان على عدد من المنح للدراسة في الخارج لبعض التخصصات سواء بأسماء أشخاص أو مؤسسات بحيث يعلن رجال الأعمال عن تمويل منحة دراسية في مجال أعمالهم تُسمى بأسماء أصحابها مثلا «منحة سين للعام 2020» تمنح لمن تنطبق عليه شروط يتم الإعلان عنها ويُترك باب التنافس مفتوحا حسب الشروط المُعلنة، ويمكن للمؤسسة الوطنية للنفط وشركات الاتصالات المدار وليبيانا وغيرهم من الشركات الحكومية والخاصة تبنى نفس الفكرة، كما يمكن لرجال الأعمال أن يدعموا مجموعة من رواد الأعمال من أصحاب المشاريع التي تبحث عن ممولين عبر مسابقة تلفزيونية قياسا على تجربة ترامب أو برنامج تحدي الهوامير الذي يُبث على أحد القنوات الفضائية العربية.
كما يمكن التبرع لصالح تطوير إحدى المستشفيات الحكومية أو لإطلاق مشروع بناء مستشفى متخصص في علاج الأمراض سواء السارية أو المستعصية على غرار ما يحدث في جمهورية مصر كمستشفيات علاج الأورام حفظ الله الجميع، أو تبني فكرة إنشاء مراكز فنية متخصصة لتخريج أيدي عاملة مهارة في تخصصات يطلبها السوق الليبي، كأن يتم توقيع اتفاقيات مع جامعة طرابلس أو غيرها من الجامعات لإنشاء مركز تدريبي داخل الجامعة بحيث تُتاح فرصة للطلاب ان يدرسوا في كلياتهم للحصول على الشهادة الجامعية وفى ذات الوقت يمكنهم الالتحاق بإحدى الدورات التدريبية بهدف تعلم مهارة أو حرفة تمكنهم من كسب رزقهم في حال تعذر عليهم الحصول على وظيفة، خاصة في ظل انتشار ظاهرة عمل الشباب في مختلف الحرف والمهن مما قد يستوجب العمل على إعدادهم للعمل بتلك الحرف والمهن بشكل صحيح وتوفير التأهيل المناسب لذلك.
كما يمكن المساهمة في إنشاء مركز متكامل لدعم المبادرين و»الستارات أب» ويمكن بحث مدى إمكانية إنشائه بالشراكة مع جامعة طرابلس كونها تملك الموارد البشرية المُستهدفة والمساحات الشاسعة، وللعلم فقط فإن عاصمة الكيان الصهيوني تُصنف في بعض المؤشرات من المدن الرائدة في العالم بهذا المجال.
كما يمكن المشاركة في بعض المشاريع التي عجزت الدولة عن استكمالها أو حتى القيام بها كمشروع الفضاء الاولمبي أو مشروع الكورنيش بمدينة طرابلس الذي يمتد من مدخل حي الأندلس إلى منطقة السياحية. كما يمكن العمل على إنشاء عدد من الحدائق والمساحات الخضراء و الملاعب الصغيرة لأنواع مختلفة من الرياضات، كما يمكن المساهمة في بناء مضمار رياضي أو أكثر مُماثل لمضمار أبي الخيرات بالمدينة الرياضية بطرابلس أو لمضمار ميدان الفروسية بأبي ستة، ومن المهم التنويه أن كل ما تم الإشارة إليه هو على سبيل المثال وإن تصادف كونه بمدينة طرابلس فرجاء التماس العذر في ذلك.