في حرب الظلال الممتدة بين تل أبيب وطهران، لم يعد الميدان مقتصرا على الغارات الجوية أو الاغتيالات، بل انتقل إلى عمق “المربع الأول” داخل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية “حنظلة” عن اختراق هاتف تساحي برافرمان، رئيس مكتب نتنياهو والرجل الموصف بـ “الحارس الصامت” لأسراره، يمثل خرقاً أمنياً يتجاوز مجرد تسريب بيانات، ليصل إلى حد التهديد الاستراتيجي لمنظومة الحكم الإسرائيلية.
والمعلومات التي بدأت المجموعة بنشرها، والتي شملت 110 صفحات من جهات الاتصال ومراسلات وصور خاصة، تضع برافرمان في عين العاصفة، خاصة وهو المرشح لتولي منصب سفير إسرائيل لدى بريطانيا، لكن الخطورة الحقيقية تكمن في ادعاء المجموعة امتلاك “أسرار قذرة” تشمل صفقات سرية وابتزاز ورشاوى لشراء الصمت، مما قد يحول مدير مكتب نتنياهو من صانع قرار إلى “نقطة الضعف الكبرى” في الهيكل السياسي الإسرائيلي.
وهذا الاختراق ليس حدثاً منعزلاً، بل هو جزء من نمط متصاعد استهدف سابقاً شخصيات بوزن بيني غانتس، ويوآف غالانت، وإيتامار بن غفير، وبينما يخطط نتنياهو للحصول على ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشن حرب جديدة على إيران، تأتي هذه التسريبات لتكشف عن “جبهة داخلية مخترقة” سيبرانياً، إن نجاح “حنظلة” في الوصول إلى هواتف النخبة الأمنية والسياسية، بما في ذلك 5 آلاف جهة اتصال تعود لرئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، يثير تساؤلات جوهرية حول كفاءة منظومات الدفاع الرقمي الإسرائيلية في مواجهة التهديدات الإيرانية المتطورة.
ان اختيار اسم “حنظلة” ليس عبثياً؛ فهو استحضار للأيقونة الفلسطينية للصمود، مما يصبغ العملية بطابع أيديولوجي يربط بين الصراع السيبراني والقضية الفلسطينية، ففي ظل ملاحقة الجنائية الدولية لنتنياهو واتهامه بجرائم حرب في غزة، يبدو أن طهران تستخدم “سلاح المعلومات” لتضييق الخناق على القيادة الإسرائيلية، وتحويل “الأسرار الخاصة” إلى أدوات ضغط سياسي قد تنفجر في وجه الحكومة في أي لحظة.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية