حسام الوحيشي
أخذنا حمار الليل بعيدا أو أخذناه، لم نكسر سوى نقاط مطروقة، ليس هذا بعدنا الاقصى ، سنهشم الحرف القياسي في المستقبل إن شاء الله، المسافات مع العزيز خيري جبودة تقاس بالميل الشعري، تتحطم بسهولة تلك المعايير التي تقدر بالكلمات، للارقام مقاييس صلدة ومحشوة بالهوينا ، لا صبر لنا مع القصيدة هذا مؤكد ولا جأش للزمن أيضا أمامها، أي وقت سيواجهه الشعر وهو يقولنا في جملة واحدة: ” وأعبرك كالنار التي تشتهي الحقل لا تعرف غير الرماد”.
أخذنا حمار الليل بعيدا أو أخذناه، تمهل أيها الشاعر الفادح، عندما يفور البوح ناشرا البهجة والتمرد يضيف خيري: “أجل اعتقدت أنى قفزت خارج الصندوق… وأن الشياطين قد رحلوا” يلهث الكون تعبا وينضح الورق ماء زهر عذب، نهتف أنا وخيري: رويدك أيها الحمار لا تسرع، والاحمق لا يأبه لنا ٫ فاتنا أن نشتري له ساعة رقمية قبل ان ننهره وغص هو بالمتعة فزاد نشاطه.
هل تذكرنا ونحن نكتب نصا قادما من الغد ونضع له عنوانا قبيحا “نريد جنرال !” كانت الجموع صاخبة والنخب خافتة لدرجة لا تطاق ، اتضح لنا كل شيء لوهلة، لنستعير من أزقة موسكو في ستينات القرن التاسع عشر مصطلحا لم ينحت في الوطن ونتذمر ، الانتليجنسيا ينتابها العوار، هذه الطبقة دمغت بالموت المعلق، تلك الرهوط المشلولة التي عبدت ارصفة الإستبداد أثناء زحفها لشراء ارغفة العجز من المخبز المجاور لا يتكأ عليها وطن إلا إذا أراد السقوط على رمته، هذه المرة أخذنا حمار الشمولية بعيدا، تاهت بهيمة الليل قليلا، هل عثرت علينا أم عثرنا عليها؟ بحثنا ولا إجابة.
المهم أن حمار الليل أخذنا او أخذناه ثانية، ليقول خيري جبودة : “أحرك صورتك كملعقة سكر… في بحيرة رأيتها ذات صباح من نافذة قطار” واصل الصبح شق طريقه متخطيا الأعين المغلقة و المحاجر الساهدة كلما تعالت احلامها واسمارها في الجوار .
أخذنا حمار النهار أو أخذناه، عقب مرور أسابيع قليلة ربما من المبكر الكتابة عن “التجربة” ولكنك أحيانا نخوض الكثير بسرعة ونراكم ما يستحق السرد “وهو يخرج من المبنى تعالت رائحة العقل، الى يمينه شجرة حقائق ناضجة، مد يده نحوها، شعر بتصلب أطرافه وبألم لاسع، اقتطف ثمرة وعي وقربها من وجهه فذبل أنفه الحاد”.