د.غادة إحميد محمد
لكل واحد من الزوجين اهتماماته وطباعه،كما أن له موروثات تربوية وجينية خاصة، وكل هذا من عوامل التباين والذي كثيرًا ما نغفل عنه هو أن جوهر العلاقة بين الزوجين لا يقوم على (التشابه)، وإنما على (التخالف)العضوي والنفسي والعقلي، ولا بد من أخذه بعين الاعتبار لكن هذا التخالف هو سر الحياة المنجبة النامية، ولابد أن يحدث عنه بعض العراقيل الجانبية،والتي يمكن تحجيم آثارها من خلال إبداء كل من الزوجين لإعجابه بذوق الآخر واهتماماته وبهمومه، كذلك إن إطراء أكلة صنعتها الزوجة، أو الثناء على إعادة ترتيب أثاث البيت، لا يكلف شيئاً،لكن الزوجة تعده مكافأة مجزية للجهد المضني الذي بذلته في ذلك؛ وعلى المرأة أن تفعل نحو ذلك حيال انجازات زوجها وأعماله.
إن التفاصيل الصغيرة في الحياة الزوجية، ليست صغيرة، فإهمال الزوجة للنطق بـ (مع السلامة) أو (صباح الخير) أو السؤال عن سبب انزعاج زوجها وما شابه ذلك، يفسَّر لدى الزوج تفسيرًا سيئًا ويحمل دلالات أكبر مما يتحملها وعدم سؤال الزوج لزوجته عن سبب نومها المبكر، أو عن سبب قلقها حيال موضوع ما،أو عن سبب مقاطعة جارتها كل هذا يُفسَّر من قبل المرأة على إنه إهمال من الزوج، وعدم اكتراث بالحياة الزوجية كلها ولذا فلابد من ملاحظة ذلك بعناية، إذا ما أريد للعلاقة بين الزوجين أن تمضي على خير وجه.
ولا ننسى أن وجود النقاش بين الزوجين أمر يتكرر يوميًا تقريبًا ،وهو إن دل على شيء، فإنما يدل على إيمان مشترك بضرورة توحيد المفاهيم والمواقف تجاه الأشياء المختلفة؛ لكن لأن سلسلة المعقولات لدى الرجل والمرأة، ليست متطابقة ولأن هناك عوامل تباين عديدة أخرى، فهذه النقاشات لا تنتهي في كثير من الأحيان إلى وفاق، وانتشار هذه الظاهرة كبير في الأسر التي نالت أعلى درجات التعليم، وفي الأسر التي لم تنل أي قدر منه، لكن الذي يختلف هو أسلوب النقاش، ومستوى المسائل المطروحة لها أما النتائج فواحدة تقريبًا.وهناك حقيقة واضحة تعد إحدى العلامات الفارقة بين الرجل والمرأة،وهي غلبة حب (الاستهلاك)على المرأة؛ولذا فإن إنفاق الرجل على البيت،وترفيهه لأسرته،هو المعيار لكفاءته ولياقته الأسرية وإن كثيراً من العلاقات الزوجية ينهار بسبب شُح الرجل،أو ضيق ذات يده، أو تقاعسه عن كسب رزقه؛ ونجد في أدبياتنا العديد من النصوص التي تحث المسلم على الإنفاق على عياله،حيث يُعدّ ذلك من أفضل الصدقات إذا احتسبه، وعلى المرأة في المقابل أن تصبر على الظروف القاسية التي قد تمر بها أسرتها، وأن تحسن إدارة الإمكانات المحدودة التي بين يديها،حتى يجعل الله بعد عسر يسراً.