تقرير / مني عريبي
في غضون شهرين فقط، وجدت ليبيا نفسها أمام سلسلة من الحوادث المروّعة التي هزّت المجتمع وأعادت طرح الأسئلة الصعبة حول الأمن الداخلي، وترهّل منظومة الحماية الأسرية، واتساع دائرة العنف. وبينما ما يزال الرأي العام تحت وقع الصدمة من جرائم متعددة شهدتها مدن مختلفة، جاءت جريمة مقتل الدكتورة أماني جحا لتكون نقطة الانفجار، ولتفتح الباب على نقاش وطني واسع حول خطورة المنحنى الذي تتجه إليه البلاد.
مقتل الدكتورة أماني… الشرارة التي كشفت الجرح المفتوح
لم تكن حادثة مقتل الدكتورة أماني جحا مجرد خبر عابر في وسائل الإعلام. كانت صدمة جماعية. أستاذة وطبيبة ومربية تُغتال في ظرف غامض، لتتحول قصتها إلى رمز لحالة انعدام الأمان التي يعيشها كثيرون، خاصة النساء والفئات الضعيفة.
تعالت الأصوات، واشتعلت المنصات، وطالب المواطنون بالكشف العاجل عن الملابسات ومحاسبة الجناة، معتبرين ما حدث مؤشراً صريحاً على انهيار مستويات الحماية داخل الأسرة والمجتمع.
جرائم متلاحقة… الظاهرة لا الحادثة
خلال الأسابيع الأخيرة، لم تكن جريمة الدكتورة أماني الوحيدة التي سجّلت حضورها على صفحات الحوادث.
شهدت عدة مدن ليبية جرائم متنوّعة:
عنف أسري تطور إلى جرائم قتل داخل البيوت.
خلافات اجتماعية انتهت بإطلاق نار أو اعتداءات دامية.
حالات قتل مرتبطة بسوء إدارة السلاح وغياب الرقابة.
وقائع قُتل أو عُثر عليها بعد اعترافات متهمين في قضايا جنائية، كما حدث في صبراتة مؤخراً.
هذا التراكم لم يعد تقرأ كحوادث فردية؛ بل كمنحنى خطير يؤشر على خلل بنيوي في أدوات الوقاية والحماية.
الطفل والمرأة… الحلقة الأضعف
اللافت في الحوادث الأخيرة كان ارتباط عدد منها بالعنف الأسري، الذي يشكّل أخطر أنواع العنف لأنه يحدث في المكان المفترض أن يكون الأكثر أماناً: البيت.
فالنساء والأطفال، الذين يُفترض أن تُوفر لهم المنظومة الاجتماعية أعلى درجات الحماية، أصبحوا اليوم بين أكثر الضحايا في التغطيات الإعلامية وتقارير الرصد الحقوقي.
ومع غياب خط طوارئ فعّال، وملاجئ آمنة، ونظام إحالة واضح بين الشرطة والنيابة والخدمات الاجتماعية، تتحوّل القضايا إلى حالات متكررة بلا معالجة جذرية.
قرارات حكومية… ومسافة كبيرة بين الورق والتنفيذ
ورغم إعلان الحكومة خلال الشهور الماضية إنشاء جهاز لحماية الطفل والمرأة بموجب قرار رسمي، إلا أن الواقع يشير إلى فجوة واسعة بين الإعلان والتطبيق.
لا مكاتب فاعلة، ولا كوادر متخصصة، ولا نظام استجابة يُقنع الجمهور بأن البلاغات تُتابَع بجدية أو بأن الضحايا يحصلون على حماية فورية.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية