تعلم الطريقة التي تكون بها صديقا لنفسك
المدينة الوحيدة
يقدم كتاب “المدينة الوحيدة: مغامرات في فن البقاء وحيداً”، تأليف أوليفيا لاينغ، ترجمة محمد الضبع (2017)، حالات اختبرت الشعور بالوحدة.
تروي أوليفيا لينغ قصص عدد من الفنانين الذين عاشوا حياة منعزلة. وتركز بشكل خاص على الرسامين في نيويورك على مدار السبعين عامًا الماضية.
تقول أوليفيا لاينغ، أن موضوع الوحدة شغل كتّاب الأغاني أكثر من علماء الاجتماع والنفس، وتسرد على نحو مؤثر سير عدد من قادة الفن والثقافة، أمضوا حياتهم وحيدين على نحو مريع، ومن هؤلاء: آندي وارهول، مؤسس مجلة “إنتر فيو”؛ الذي قتل عام 1987، وكان قد تعرض لإطلاق نار عام 1968، على يد فاليري سولاناس، التي تمثل أيضاً حالة متطرفة للشعور بالوحدة والتهميش.
لا تؤمن أوليفيا لاينغ بأن علاج الوحدة في العثور على حبيب، لكن المسألة تتعلق بأمرين: تعلم الطريقة التي يمكنك بها أن تكون صديقاً لنفسك، وفهمك أن العديد من الأشياء التي تبدو كأنها ابتلاءات تعرضنا لها نحن كأفراد، هي في الحقيقة نتيجة لقوى اجتماعية وسياسية أكبر منا، تتعمد فرض الشعور بالعار والإقصاء، والتي تمكن وتجب مقاومتها. الوحدة تجربة شخصية، لكنّها أيضاً تجربة سياسية؛ إنها مدينة.
فن الوحدة
يركز كتاب “فن الوحدة: أفكار زمن العزلة” للكاتبة الإندونيسية ديسي أنور، ترجمة وائل الملا، على مفردات شاعت خلال جائحة كورونا، منها: الإغلاق والحظر، والعزل الشخصي، والتباعد الاجتماعي والجسدي، والعمل من المنزل، والتعلم عن بعد، والبقاء في المنزل، وعدم الخروج إلا إذا كانت مسألة حياة أو موت.. تلك هي الكلمات والعبارات التي أصبحت متداولة، وبالتالي أصبح التصرف على أساسها أمراً طبيعياً.
تشخّص المؤلفة الحالة الناتجة عن شيوع تلك المفردات وانتشارها بين الناس، فأنت عندما تقابل الناس، فإنك تحافظ على مسافة حذرة، تراقبهم في خوف، وإذا ما خرجت من بيتك وأردت الذهاب إلى أي مكان، فإنك ترتدي الكمامة.
وتشير المؤلفة إلى أنه خلال الوباء العالمي الذي تفشى أصبح كل شخص آخر هو عدو يجب تجنبه، وكان المسنّون والأشخاص الضعاف والمرضى وأصحاب المناعة الضعيفة، هم الأكثر عرضة لعواقب الإصابة بالعدوى. وهكذا على عكس طبيعتنا البشرية نترك الصحبة ونركن إلى الوحدة.
وتسأل المؤلفة: كيف نتعامل مع هذه اللحظات عندما نكون بمفردنا، حتى إن كنا لا نرغب في أن نكون وحدنا؟ ما الذي نستطيع أن نفعله لتمضية الوقت؟ وما الأفكار التي تدور في رؤوسنا؟ وكيف نتعامل معها؟
تدعو المؤلفة إلى أن نحاول النظر إلى ذلك الوقت على أنه هدية ومنحة، منحة الوقت نفسه ومنحة التعرّف إلى ذواتنا، فالوحدة تجبرنا على أن نواجه أنفسنا لنعرف من نحن، وأن نفهم كيف نتعامل ومغزى الحياة، أن نتعرف إلى العالم الذي نعيش فيه، ربما لا يعجبنا ما نكتشفه، قد نرتاح لما نراه، لكننا في نهاية المطاف سنفهم أننا لا نستطيع الهرب من ذواتنا، وبالتالي يكون من المفيد أن نستغل تلك الفرصة للبدء في رحلة التعرّف إلى أنفسنا.
هكذا كانت الوحدة
تنطلق الرواية من حادثة استقبال بطلة الرواية إلِينا لخبر موت والدتها، الرواية تأليف خوان خوسيه مياس، ترجمة ناريمان الشاملي.
إلِينا التي بلغت عقدها الأربعين، مع ما يصاحب ذلك من تحولات نفسية وصراعات داخلية، تعيش في ظل شعور قاتل بالوحدة، وتجد نفسها مدفوعة إلى تكليف مخبر سري بإعداد تقرير عن زوجها، لكنها سرعان ما تمل من تقاريره حين تكتشف أن مأزقها الوجودي أكبر من اكتشاف خيانة زوجها، فتطلب منه، هو الذي لم يرها من قبل، أن يراقبها هي ويرسل تقاريره عن حياتها.
رواية عن التفاصيل الصغيرة في الحياة، تطرح أسئلة الموت والوحدة والغربة الإنسانية وهشاشة العلاقات الأسرية.