منصة الصباح

(باهي اقتلونا)!

بوضوح

بقلم / عبد الرزاق الداهش

 

هل توجد في امريكا، او بريطانيا، أو السويد، أو اليابان، أو سنغافورا، شيء اسمه القبيلة؟

لفوا العالم شرقه وغربه، وهاتوا لنا بدولة واحدة متقدمة مازالت تحتفظ بمكون القبيلة، أو العشيرة، وباقي كراكيب ما قبل الدولة.

نحن نتكلم عن الدول التي تنتسب للعصر، وليست تلك التي تعيش بأثر رجعي، ومازال مفردات، شيخ القبيلة، وشيخ الغفر، لم تنقرض من قاموس الحياة في زمن الواتساب، والموطنة، والتعليم التفاعلي.

اليوم الناس تعرف السجل المدني، والرقم الوطني، والبطاقة الممغنطة، والشارع.

ذات اصبوحة كنت ضمن لقاء يجمع قيادات شعبية من الجنوب الليبي، وكان هناك من صمم لهم اصطلاح ناعم وهو (الرأس مال الاجتماعي)، وانا اقول (الاقطاع الاجتماعي).

اللقاء كان حول مشروع عقد اجتماعي، ليس بديلا عن الدستور، ولكن نقدر أن نقول معززة له أو احد الوثائق المجاورة له.

كان ذلك في تقديري جهدا متميزا يقوده شباب فريق صناع السلام، وكانت اللقاءات تتم في تونس.

كنت يومها اقدم مسودة صياغتي لهذا العقد، أو ميثاق الشرف، وكنت تتضمن تعهدت على نحو: نجرم نحن الليبيين إيقاف امدادات المياه، والاعتداء على المنشآت النفطية، ومنع انتاج وتصدير النفط، وقطع التيار الكهربائي، واقتحام المستشفيات، وانتهاك حرمة المؤسسات التعليمية، وقفل الطرق.

وقبل أن اغلق لاقط الصوت، كان أحد الشيوخ (ممن سيكتبون انا الدستور)! يقول معقبا وبصوت مسموع: (باهي اقتلونا).

للأسف الصورة النمطية على أن ليبيا دولة متخلفة وعشائرية ليست وافدة، بل نحو من يصدرها للعالم.

مرة قبيلة اغلقت صنبور النفط، ومرة قبيلة اقفلت الطريق، او أخرى سدت مياه النهر.

كل مرة تظهر علينا مجموعة شكل من كبار السن، كفرقة حسب الله، لتتلوا علينا بيانا باسم، أعيان، أو مجلس، أو حكماء القبيلة.

والحقيقة لا علاقة للقبيلة، بإغلاق النفط، أو المياه، إنما مجموعة مسلحة، يجيشها شخص ما، لاسبابه.

وهكذا تحولت القبيلة إلى ملاذ للمجرمين، والخارجين عن القانون، وقطاع الطرف.

وتحول بعض الشيوخ، والاعيان، إلى ندابات، يمكن أن يستدعيهم أبناء الكاني لالقاء بيان، كلما احتاجوا إلى ذلك.

الديناصورات في المتاحف هياكل عظمية، ولا وجود لها في الشارع العام.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …