منصة الصباح

جحا اليتيم في اليابان

جحا اليتيم في اليابان

صباح الفن

عبدالله الزائدي

ليست ليبيا البلد العربي الوحيد الذي حاول دون نجاح تجاري أن يصنع سلسلة رسوم متحركة منافسة،  ولو على الصعيد المحلي ، لما ينتج في اوروبا  وامريكا واليابان وكوريا و يدبلج بالعربية ، وكانت المرة الوحيدة الموفقة والمتكاملة التي تنتج فيها ليبيا كرتونا ناجحا تعود الى نحو أربعة عقود ، عندما أذاع التلفزيون الليبي حلقة من سلسلة  جحا ،وكان المفترض أن تذاع كسلسلة كرتون ليبي تحكي كل حلقة  قصة بطلها جحا ، ولكن لم للمشروع الاستمرار و انتهت السلسلة بحلقة يتيمة ، وقد حققت تلك الحلقة نجاحا منافسا و بقوة  لأعمال الكرتون الغربية والشرقية وبكل المقاييس ، ولا ادري ولم اجد من يقدم سببا منطقيا مقبولا لتوقف إنتاج سلسلة جحا، تلك السلسلة التي كانت أملا في صناعة كرتون عربي  على مستوى منافس ، ولكن هل كانت حجا التجربة الليبية الوحيدة في صناعة الكرتون ؟  لقد سبقت جحا محاولات عديدة و قدمت بعده محاولات اخرى ، إلا أنه ظل  الكرتون الليبي الوحيد واليتيم الاهم ، ويرجع السبب في تقديري أن قرار الطيران بجحا الى اليابان حيث صناعة الكرتون تزدهر سواء الموجه للصغار او الكبار ، السبب الاهم لنجاحه لتوفر القاعدة الانتاجية المحترفة ، وكذلك لا ننسى عوامل فنية  فارقة  كأن يدخل في صناعته الرسام العبقري محمد الزواوي و الكاتب الكبير الدكتور على فهمي خشيم ، وهي عوامل جعلت التجربة تحظى بمقومات الظفر بقوة المنافسة،  لكن الذهاب الى اليابان ودخول الأسماء الكبيرة للانجاز ، لا يبدو كل شيئ لتستمر التجربة و لتكون أساسا صناعيا ،  ولا اعلم رغم بحثى عن السبب لماذا فشلت تجربة إنتاج بقية السلسلة ؟  وبقاء جحا يتيما في اليابان ؟ عندما عرض التلفزيون الليبي مطلع الثمانينات حلقة جحا وشاهد الاطفال الليبيون الرجل الليبي ( الكرتوني ) يلبس ملابسهم ويأكل البازين والفلفل الاخضر، وبإنتاج احترافي متقن، ذهلوا تماما حتى الكبار ابهروا ، واعجبهم العمل ، و تعلق الصغار بالشخصية واحبوها ، واعتقد الليبيون آنذاك أنهم سيشاهدون حلقات من كرتون ليبي ، يعادل مواصفات الانتاج العالمي ، و يمثل بيئتهم القريبة ، وهذا خلافا لما اعتادوا مشاهدته  في الكرتون المدبلج من جبال الثلج والبيوت المصنوعة من الخشب ومواقد التدفئة والملابس الغربية والاسيوية  وحياة من مجتمعات بثقافات مختلفة ، وذلك كان مهما لابعاده الثقافية والتربوية وحتى الاجتماعية ،  لكن وللاسف كانت الحلقة اليتيمة ، و ظلت تعرض لاكثر من مرة، ثم فجأة توقف عرضها تماما،  وهي غير موجودة اليوم  إلا في نسخة رديئة على منصة  اليوتيوب،  ربما بسبب نسخها من احد المعجبين او الموثقين الهواة الذي كان يحتفظ بها على ما يبدو كنسخة شريط فيديو ونقلها بشكل رقمي  ونشرها على منصة اليوتيوب منذ سنوات ، صحيح أن محاولات لاحقة لانتاج كرتون ليبي خاصة في التسعينات عن طريق برامج تصميم الرسوم عبر الحاسوب وباستخدام تطبيقات حاسوبية تسهل هذا النوع من الإنتاج الفني ، ولعل أهم تلك المحاولات سلسلة سالم التى كتبها الاديب محمد المسلاتي و أخرجها محمد الهمالي و سلسلة الحاج حمد وهي موسمية رمضانية موجهة للكبار وقد نجح الحاج حمد نجاحا مهما ، لكنه لايقارن بالمواصفات التى انتج بها حجا ، ان فن الكرتون ذو حضور مهم في بلادنا كما هو مهم في كثير من المجتمعات ، وإنتاجه ليس بالسهولة التى يعتقدها البعض  فثمة الفكرة والرسم ذو الخصائص الفنية التى تحتاج تدريبا وصناعة السيناريو وغيرها ما يجعل الامر اكثر من رسم قصة وتنفيذها على برنامج حاسوبي، وقد باتت محطات موجهة للمشاهد الليبي تقدم نماذج كرتونية مختلفة ،  ولم تنجح شخصية كما نجح جحا الذي ظل  يتيما في اليابان

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …