د ابوالقاسم عمر صميدة
فى بلد لا يسأل عنك فيه احد ، ولا يهتم بك احد تصبح الحياة كئيبة ويبدو الموت جميل ، وفى بلد انت فيه إما جرد او زلم أو عميل او خائن او متواطىء او جبان فالموت جميل ، وفى بلد يملئه الحقد والكره والبغض وتنتفى فيه المحبة والسلامة والدعة يبدو الموت جميل ، وفى بلد لا تسمع فيه الا الأخبار السيئة واليائسة وينتفى فيه الأمل فإن الموت يبدو امراً مبهجاً ، وفى بلد يوصف المسؤلين بالانتهازية واللصوصية وإضاعة المال العام وتغليب المصلحة الخاصة على مصلحة المواطنين فالموت افضل ، وفى بلد تم إقصاء نصف سكانه بحجة الماضى وبحجة الوفرة وبحجة انتهاء الصلاحية فإن الموت فيه رحمة ، على الأقل لانه يبدو المصير الديمقراطى الحقيقى فلا فرار من الموت ، والسؤال : لماذا ؟ لأن الحياة لها قوانين وقواعد مثلما للموت أحكام ، فقوانين الحياة تتمحور فى الأمل واستجلاب الخير والإستزادة منه ودفع الضرر وهى أمور محفّزة لغريزة البقاء وحب الحياة ، ولأن الحياة مرتبطة بالعدالة والنجاح والشعور بالحرية وانك تستطيع نيل ما تريد بطرق شرعية وبشكل متكافىء مع غيرك ، ولأن هذا الأمر غير موجود ولا يترفر للغالبية مما يجعل اللهاث خلف النجاح والحياة من الامور العبثية ، لذا فالموت جميل ، جميل لأنه لا انساب ولا قرابات تحت التراب ، ولا أفضلية لمسلح على أعزل ، ولا تبجيل لشخص على شخص الا بالتقوى والعمل الصالح ، هناك حيث الصمت والسكون الأبدى وحيث السلام والسكينة على الارواح الطيبة المؤمنة التى لم تسرق ولم تظلم احد ولم تقتل من اجل سيارة او شقة إرث او مبلغ مالى زائل او مصلحة مؤقته ، هناك حيث يواجه الاشرار مصيراً بائساً فالسماء تتخلى عن الاشرار والملائكة تذيقهم من عذاب السعير ، وهكذا فالحياة تتساوى بالموت وتصبح الفوارق بينهما ضئيلة حين يختفى الامل والفرح والإيمان القوى بمنهج الله وشريعته وسنته العظيمة ، حين يختفى التراحم والتواد بين ابناء الوطن الواحد والدين الواحد واللغة الواحدة وربما الأصل الواحد ، فأى معنى للحياة وانت تعيش البؤس فى وطن يعوم على بحيرات من الذهب الاسود ؟ وأى معنى للحياة وانت لا تنام فى بيتك حتى تتأكد من اقفال الأبواب الحديدية وانت تتمتم بقراءة آية الكرسى والمعوذتين ليحميك الله من طوارق الليل والنهار ومصائب الانس والهوام ؟ والخلاصة اعرف ان للحياة مذاق رائع وبهجة لا تُقاوم ، ولكن الانكسارات والاحباطات حين تتراكم والصعوبات حين تتكدس بدون إيجاد الحلول فإن حلاوة الحياة تصبح مراراً ويقترب طعمها من الموت الذى قد يبدو جميلاً ، ويبقى الامل فى الله سبحانه فهو القادر على هداية العباد واصلاح حالهم ، فله نجأر وندعوه مخلصين ان يصلح حال بلادنا .