تراها مثل نحلة لا تتوقف عن العمل، تنقل من قضية إلى أخرى، ومن رواق إلى آخر، وهمها الرئيس حماية حقوق الإنسان والانتصار للمظلومين، أما أملها فيتمثل في أن لا ترى مظلوماً أو بائساً في المجتمع.
تحمل بين جنبات نفسها أملاً يفوق ما نراه لدى البقية، يعينها على أن تطلع بمهام ينوء بحملها الآخرون، ويدفعها للمجاهرة بضرورة تضمين الدستور نصوصاً واضحة تكفل للجميع – بمن فيهم المتهمون – حقوقهم التي أرستها الشريعة الإسلامية واتفقت عليها القوانين البشرية.
تحدثت المحامية والناشطة الدكتورة : فايزة الباشا، عن تطلعاتها نحو مستقبل القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان، لاسيما النساء والسجناء مبدية اعتراضاً على بعض الأوضاع الحالية، وراسمة عبر كلماتها صورة مغايرة لما نعرفه عن ناشطات المجتمع المدني
فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان ، إذا تحدثنا عن الضمانات الدستورية والقوانين، نحن الآن مع تقييم الوضع الحالي الراهن فيما يتعلق بحقوق الإنسان والتساؤل عن تواجد الضمانات الدستورية، وأين نحن من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها ليبيا.
وفيما يعلق بالتشريعات ذات العلاقة، نحن بحاجة إلى تعديلها وهل نحن بحاجة لتشديد العقاب، أما قانون المهاجرين فيوجد واحد برقم (19) الذي يجرم الاتجار بالأشخاص وأيضاً خطاب الكراهية نملك قانوناً للجرائم الالكترونية ( له ماله وعليه ماعليه ).
وفي هذا الصدد يجب القول أنه محتم علينا تحديد الاحتياجات، عبر الاستعانة بالآلية الوطنية المتمثلة في مجلس الحقوق والحريات، مع التشديد على أن تطور هذه الأخيرة نظامها الأساسي بما يتفق مع مبادىء باريس، حتى تتمكن من الاطلاع بدورها بالشكل اللازم، وإذا نجحنا في ذلك فإننا لن نحتاج إلى آلية جديدة، بل يكفينا فقط إعادة النظر في الهيكلية الآلية وفي قانونها الأساسي الذي يمكنها من العمل.
وفي ناحية أخرى تتعلق بالقوانين، فإننا نملك تعديلاً لقانون الإجراءات الجنائية منذ 2010 ، تمّ العمل عليه من قبل أساتذة مختصين، وهي مسألة لم تؤخذ بعين الاعتبار من السلطة التشريعية المتتالية للأسف.
ومن جانب آخر يحتاج تجريم بعض الأفعال إلى تعديل العقوبات، ولدينا أربعة مشاريع لقانون العقوبات في ليبيا، لم يجلس المختصون والمهتمون من أجلها، على الرغم من كونها الضمان الرئيس لحقوق الإنسان من أي انتهاك قد يقع بها، بحتى المجرم يحتاج إلى حماية حقوقه وحرياته، وبالتالي لابد من التمسك بالمبادىء الدستورية المقرة بالنص الواضح «لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص له حكم قضائي ».
وهذا الحديث ينقلنا لقضية أخرى تفرضها الظروف الراهنة وهي احتجاز الحرية، فنحن عندما نتكلم عن الاحتجاز نقرّ بأنه محظور، ، لكن إن نظرنا إلى قانون الاجراءات الجنائية والقوانين الأخرى المعدلة لهذا القانون سنجد أن مدة الحبس الاحتياطي هي مطلقة في الواقع، وليست محددة بحد أعلى، ما أدى إلى احتجاز حق الانسان في الحرية والتسبب بانتهاك جسيم لها. وعندما يتعلق الأمر بتصحيح بعض الإجراءات الباطلة يؤخذ بالاعتبار سجن إنسان قد يكون بريئاً، فهذه المسألة تحتاج إلى مناقشتها بموضوعية لان مايهمنا هو الإنسان وسنسأل عنه أمام الله، لأننا تجاهلنا ما يتعرض للانسان من انهتاك لحريته دون وجه حق، ودون أن يعرض على طبيب مختص لفحصه، ناهيك عن احتمالية تعرضه للتعذيب، وسنسآل أيضاً عن الموجودات في السجن لأجل غير محدد.
ونحن نملك في هذا الشأن تقارير وطنية، ونعمل على تقييمها، لأن منها الرسمية التي تعرضت لكافة الجوانب، إضافة لتقارير تصدر عن المجتمع المدني، يمكن اعتبارها تقارير ظل.. مسألة العنف الأسري مهمة وهي تشغل بالنا كروّاد وأعضاء لمؤسسات المجتمع المدني منذ سنة 2008، وتقاريرنا بشأنها لم تتوقف، وآخرها ذاك الذي أرسلناه إلى مفوضية حقوق الإنسان، لأن المجتمع المدني لديه مسؤولية حيال ذلك ولا ينبغي أن تتعرض هذه الجهود للتخوين، بل على العكس يجب التعاضد لإقامة حوار يؤسس الثقة المتبادلة ويوحد الجهود الرامية للقضاء على ظاهرة العنف الأسري.
عندما يتم فرز الحقوق لمجتمع مسلم لا يمكن أن نقبل – انطلاقاً من قيمنا ومبادئنا- أن يمرر أي نص يخالف أحكام الشريعة الاسلامية بأية صورة من الصور، فهذه الشريعة الغراء قد تكفلت بحقوق الإنسان منذ وجوده جنين في بطن أمه، ولا يمكن تقبل إجهاض هذا الإنسان، فما بالك بحق أخيه الذي ظهر للوجود وصار كياناً يميزه المحيط.
سنعرج في حديثنا أيضاً عن حق المشردين، ولابد من مكاشفة أنفسنا بأن لدينا مشردات من النساء منذ 2009 ، تكلمنا بخصوصهن، واقترحنا تأسيس دار حماية لهن، وليست دار احتجاز، لأننا لم نستوعب إلى الآن أن المرأة تحتاج إلى دار حماية في حالة تعرضها للعنف وليس لدار احتجاز وكذلك الطفل، ولا يوجد في القانون إيداع إلى حين إشعار آخر وهو إجراء من قبل أعضاء النيابة يعتبر انتهاكًا لحقوق الانسان ، فهناك سجينات في دار الحماية وهو أمر مرفوض قطعياً والحديث عن رفضه ليس بجديد، وبنظرة تفاؤلية أؤمن أننا إذا اشتغلنا واهتممنا بشكل علمي من أجل هذه القضايا والمجتمع المدني سنصل إلى مبتغانا .