منصة الصباح

المباراة الجامعة

فرقتنا السياسة، فصرنا يمين ويسار، فجر وكرامة، سبتمبر وفبراير، ومستحضرات أخرى.
فرقتنا الجغرافيا فاصبحنا فزان، وبرقة، وطرابلس، ومصراته، وطبرق، والقطرون، واجدابيا.
فرقتنا الديمغرافيا، فاضحينا عرب، وامازيغ، وتبو، وطوارق، وعواقير، وورفلة، وعبيدات، وورشفانة، حساونة، وباقي المشتقات.
حتى الدين الذي يوحد تحول لدينا عنصر تفرقة، واختلفنا في الدين والديان واحد.
منتخب ليبيا لكرة القدم جمعنا في مدرجات ملعب صفاقس، أو خلف الشاشات في كل البيوت الليبية.
اليسار، واليمين، والخضر، والمخططين، وحتى الفدراليين كلنا عدّلنا توقيتنا على ساعة منتخب الكرة.
العربي، والأمازيغي، والمقرحي، والنائلي، والبرعصي، كلنا عدّلنا نبضنا على دقات قلب منتخب الكرة.
ليست الكرة هي من تجمعنا، فقد ننقسم أهلي، واتحاد، ونصر، ومدينة، ولكن ليبيا هي التي جمعتنا.
مدرجات ملعب صفاقس تجمع كل الميول، والأطياف السياسية، وكل الاثنيات، والقبائل والعشائر الليبية، فالجميع نسوا اختلافات غير المبررة، ونسوا معاركهم غير الواجبة، تحت خيمة ليبيا.
شباب تركوا أعمالهم، وتركوا مدارسهم، وتركوا بيوتهم، وتوجهوا لتونس، ليس لأن منتخب ليبيا هو أفضل منتخب في العالم، ولكن لأنه منتخب ليبيا فهو الأفضل في الكون.
كيف يكون كل هذا الحماس، في ظل كل هذا الانقسام؟ فهل هو من أجل فريق كرة قدم لن يؤكلهم ولن يشربهم؟ هل صارت الأقدام أكثر قيمة من الأقلام، وحتى الأرحام؟
أنه سلوك تعويضي، ولا يعوض الوطن إلا الوطن.
تظل ليبيا هي المشترك الأهم لكل الليبيين.
يظل المهم في مباراة ليبيا أمام جنوب أفريقيا هو انتصار ليبيا لنفسها.

شاهد أيضاً

(عن ايام الطباعة نار ورصاص واورام )

زكريا العنقودي انا ولد مطبعة وكبرت من عمري 15 العام بين الحبر والاوراق ، وللعلم …