كرة القدم في ليبيا منطقة منكوبة، منذ أول ضابط “حر” دخل على خط الرياضة.
وهجم منذ أزيد من 30 سنة الضباط، وأصحاب النفوذ على الأندية ليكونوا بدلًا من أصحاب الموهبة والمهنة.
وتبعًا لذلك، انتقلت الكرة من رياضة وفن لصناعة المتعة وتنافسٍ لطيف، إلى معارك غير واجبة، وأحقادٍ تتجذّر كل مرة.
ولعل أهم عناصر التأزيم هو خطاب التفوّق؛ وخطاب التشفي والشماتة.
وكرّس هذا السلوك ثقافة عدم القبول بالخسارة، وحتى رفض الآخر، و(الفوز أو الفوز).
وتطور تدخل من لهم النفوذ أن يفرض الشخص نفسه كلاعب، ورئيس اتحاد كرة، وهي أول حادثة من هذا النوع في التاريخ.
يعني ما يحدث هو نتاج تراكم، وليس حالة مستجدّة، وهو وليد ثقافة، وليس ردة فعل.
وكرة القدم هي لعبة محببة في ليبيا، وتونس، وفنزويلا، وكينيا، وكل العالم.
والمشكلة ان هذا الحبّ الجارف جرى توظيفه على نطاق واسع مصلحيًا وسياسيًا.
وبدل أن تكون كرة القدم عنصرَ وئامٍ مجتمعي وجسر تقارب، اصبح عنصر تشظّي، وأسوار للقطيعة.
وقفز إلى الرياضة قادة ميليشيات، وشخصيات نافذة، بدلوا الأندية من مؤسسات مجتمع مدني، إلى قبائل وعصبيات قبلية.
ولعل الأسوأ هو تحول الأندية إلى مغسلةٍ للأموال والأشخاص.
ولا من أحد يسأل عن مصادر التمويل، فالرجل الأفضل، هو الذي ينفق أكثر:
أموال مخدّرات، أموال تهريب بشر، أموال جريمة منظمة، أموال دولة، والسؤال المسكوت عنه؛ (من أين)؟
لهذا، فالرياضة في ليبيا لا تحتاج إلى ملاعب، أو استقدام لاعبين بالملايين، أو احترافٍ على الطريقة الليبية (لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية).
الكرة في ليبيا تحتاج إلى مشروع حقيقي لإعادة إعمار أخلاقي وثقافي.
نحتاج إلى لقاء موسع روابط المشجعين، ورياضيين ومهتمين لإنتاج ميثاق شرف رياضي، وتطبيق قواعد اللعب النظيف، وفصل الرياضة عن السياسة.
نريد رياضة للمتعة، وتنافس للتنفيس، ونشر لثقافة القبول بالآخر، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتحريرها من العداوة، والتجيير، والتوظيف.
عبد الرزاق الداهش