منصة الصباح

العجز التقني الدولي في ليبيا ونظرية المؤامرة

بقلم/ أحمد الرحال

قرأت على موقع يورونيوز بأن هناك تقريرا مسربا عن ضعف التواصل بين عملية صوفيا والاتحاد الأوروبي مع حرس الشواطئ الليبية، وأن هناك عجزا في التأكد من قصة المتاجرة بالبشر وانتهاكات ضد المهاجرين في ليبيا.

ناقشت الموضوع مع أحد المهتمين بالموضوع فقال لي بأن متابعة كل شيء في ليبيا دوليا ليس بالأمر السهل، وذلك بسبب الأوضاع المعقدة في ليبيا.

تذكرت في عقد الثمانينات عندما قام نظام القذافي بمحو علامات الاتجاهات في الطرق الرئيسة في طرابلس بعد الغارة الجوية الأمريكية على طرابلس، وأذكر حينها أن كثيرين استهزأوا بما قام به القذافي متسائلين هل يمكن أن يعجز الأمريكان عن معرفة الاتجاهات والمواقع في ليبيا على الرغم من الإمكانيات التكنولوجية لديهم.

والآن ونحن في العام التاسع عشر في الألفية الثانية نتساءل “هل يمكن أن تعجز عملية صوفيا بكل إمكانياتها عن مجرد التواصل تكنولوجيا مع حرس الشواطئ؟

ويزداد الأمر تعقيدا حين تطفو على السطح قصة نظرية المؤامرة، فمن سيصدق بسهولة وجود هذا العجز ونحن أمام التطور الرهيب في التكنولوجيا ووسائل التواصل؟ هل يتورط العالم المتطور فعلا في ليبيا بهذه السذاجة وبحجة ان التواصل غير ممكن وبحجة أن الوضع في ليبيا غير واضح؟

بروز نظرية المؤامرة يجعل العقل يتردد في ممارسة أساليبه المنطقية ليكتشف السر، فهناك من يربط بين العجز في التواصل مع ليبيا أوروبيا وربما أمريكيا وبين ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقتل أبي بكر البغدادي في عملية نوعية منذ أيام. غير أن الدليل الواضح عن مقتل البغدادي اختفى بمجرد الإعلان عن دفن جثته في البحر كما فعل الأمريكان مع جثة بن لادن عندما تم قتله في عملية أخرى مشابهة.

هل السر في عجز التواصل تكنولوجيا أم أن الأمر مربوط بقصة فكرية تاريخية تم إطلاقها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عندما تحدث هانتينغتون عن صراع الحضارات وتحدث فوكوياما عن نهاية التاريخ؟

وبالتالي، هل العجز الدولي هو عجز فكري أم أنه فعلا عجز تقتني؟ وأين تقع ليبيا في خريطة هذا العجز؟ أم أن ليبيا كانت ومازالت مستهدفة لتكون مكبا لنفايات فكرية وتخلف وسوء إدارة بالنسبة للمنطقة والعالم؟

أسئلة كثيرة تجعل حتى مجرد التفكير فيها مخيفا، خصوصا مع أصوات القذائف والطيران المعتدي على طرابلس. فبين المؤامرة والطموح يقع عقل ليبي يصاب بالإرهاق والتشظي.

المشكلة أن الاعلام نفسه لم يعد مغذيا في الحالة الليبية، فهناك عجز واضح في الاعلام الليبي وفوق ذلك لا يمكن متابعة القصة الليبية وما يتعلق بها من خلال الاعلام الدولي وذلك لأن العالم لديه ما يكفيه في مناطق أخرى أكثر أهمية. فمن في العالم سيترك المناورات البريطانية بخصوص البريكزيت أو قصص الصراع الأوروبي أو الصراع الأمريكي الإيراني أو ما يحدث في أماكن أخرى أكثر سخونة في المنطقة؟

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …