منصة الصباح
السوق الموازية

فوزي وادي: السوق الموازية تهدّد الاقتصاد الليبي

الصباح – فائزة العجيلي

في ظل استمرار التقلبات الاقتصادية، وتدهور القوة الشرائية للدينار الليبي، تبقى السوق الموازية للعملة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، لما تسببه من خلل في أسعار الصرف وتغذية للفساد وغياب للعدالة الاقتصادية..

في هذا الحوار، يُسلّط الخبير الاقتصادي “د. فوزي وداي” الضوء على جذور الأزمة، ويقدّم رؤية متكاملة لكيفية ضبط السوق الموازية، واستعادة الاستقرار النقدي في البلاد.

– بدايةً، كيف تقيّمون تأثير السوق الموازية للعملة على الاقتصاد الليبي اليوم؟

السوق الموازية لم تعد مجرد ظاهرة اقتصادية هامشية، بل أصبحت بنية موازية تؤثر بشكل مباشر على السياسة النقدية، وتخلق ازدواجية في أسعار الصرف، ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، ويزيد من معدلات التضخم.

سوق موازي

هذا كله يُضعف القوة الشرائية للمواطن، ويؤثر على استقرار الأسعار، ويقوض فاعلية مصرف ليبيا المركزي في إدارة السياسة النقدية..

– ما هي الأسباب الرئيسة التي أدت إلى اتساع هذه السوق؟

هناك عدة عوامل مترابطة، أهمها ضعف التنسيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية ، وغياب الشفافية في منظومة الاعتمادات المستندية والتحويلات.

كما أن العجز في الميزانية والضغط على احتياطيات النقد الأجنبي يدفع إلى الاعتماد على السوق الموازية.

ناهيك عن غياب الإرادة السياسية لتوحيد السياسات الاقتصادية، وهو ما يبقي هذه السوق فاعلاً أساسياً في التحكم بسعر الصرف خارج الأطر الرسمية..

– هل تعتقدون أن لدى مصرف ليبيا المركزي القدرة على التدخل وضبط هذه السوق؟

المشكلة ليست في أدوات المصرف فقط، بل في غياب التنسيق بين المؤسسات الاقتصادية والسياسية.

إذا لم يكن هناك قرار سيادي واضح يُمكّن المصرف المركزي من إدارة الملف النقدي بشكل مستقل، فستظل السوق الموازية تتحكم في الواقع المالي للبلاد..

المصرف المركزي

– ما هي الإجراءات التي ترونها ضرورية لضبط السوق الموازية والحد من تأثيرها؟

نحتاج إلى حزمة من الإجراءات المتكاملة، أبرزها:-

* زيادة المعروض الرسمي من النقد الأجنبي عبر إصلاح آليات بيع العملة وربطها بالاحتياجات الفعلية..
* تعزيز الشفافية والرقابة على عمليات التحويل والاستيراد لمنع التلاعب والمضاربة..
* إصلاح السياسة المالية بترشيد الإنفاق وتقليل العجز..
* دعم الإنتاج المحلي وتحريك الاقتصاد الحقيقي لتقليل الاعتماد على الواردات..

كل هذه الإجراءات يجب أن تكون منسجمة، وتُنفذ ضمن رؤية وطنية موحدة، لا أن تُطبّق بشكل جزئي أو في ظل الانقسام..

– البعض يرى أن تعويم الدينار قد يكون حلاً، ما رأيكم في ذلك؟

التعويم دون وجود اقتصاد منتج، واحتياطات نقد أجنبي قوية، واستقرار سياسي، سيكون له آثار كارثية.

التعويم يحتاج إلى بيئة اقتصادية متماسكة، وليس مجرد أداة تقنية.

في الحالة الليبية، الأولوية يجب أن تكون لإصلاح المنظومة الاقتصادية، وليس المجازفة بسياسات قد تزيد من حدة الأزمة المعيشية..

من يحدد سعر الصرف

– في الختام، ما رسالتكم للجهات المعنية وصُنّاع القرار؟

أقول بكل وضوح: الوقت لا يحتمل المزيد من التأجيل أو الترقيع. السوق الموازية تُغذّي الفساد وتُرهق الاقتصاد، وإذا لم يتم ضبطها ضمن مشروع إصلاحي متكامل، فلن يكون هناك استقرار مالي حقيقي.

على صنّاع القرار أن يتحلّوا بالشجاعة والوضوح في توحيد السياسات الاقتصادية، ومنح مصرف ليبيا المركزي المساحة الفنية اللازمة للتحرك وفق مصلحة الوطن لا وفق ضغوطات سياسية..

شاهد أيضاً

صندوق النقد الدولي: ليبيا تحقق أسرع نمو اقتصادي إقليمي

صندوق النقد الدولي: ليبيا تحقق أسرع نمو اقتصادي إقليمي

كشف تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الليبي يتجه لتحقيق أسرع معدل …