إطلالة
بقلم /جمال الزائدي
تآكل الاحتياط النقدي مع توقف انتاج النفط وانخفاض اسعاره في سوق الطاقة وتراكم مطالبات الشركات الاجنبية بتعويضاتها عن المشاريع المتوقفة ..مضافا إليه تورم فاتورة الانفاق الحكومي شرقا وغربا ، وتضخم جيش الموظفين في القطاع الحكومي عاما بعد عام ..ناهيك عما تخلفه حروب الإخوة التي لم تتوقف منذ سنوات من دمار وخراب في البنية التحتية والمنشآت العامة والخاصة ..كل هذا يفرش الطريق أمام بلادنا للوصول الى عتبات البنك الدولي والارتماء في احضانه كعشيقة سهلة المنال اضناها الشوق والتعب ..
المصابون بحساسية مفرطة من نظرية المؤامرة يمكنهم أن يفسروا هذا السيناريو باعتباره نتاج الغباء السياسي الوطني المسيطر على عقول النخبة الليبية ..أما الذين يعرفون جيدا قدرة وقدر القوى المهيمنة على مصير الكوكب في هذه السانحة التاريخية ، فهم يثقون تماما أن المصير الذي نسير إليه بخطى ثابتة ، سبق وأن رسمته لنا تلك القوى حتى قبل أن نختار الجلوس على الخازوق ..
العارفون ببواطن الامور على ضوء الوعي الانساني المتجاوز لما تحت الاقدام ولما وراء مركزية الذات الوطنية الموهومة بالسيادة والمجد القبلي في عالم صار في قبضة يد لاترحم ..يرون رأي العين أن مصير ليبيا لن يختلف في كثير أو قليل عن مصائر بلاد أخرى سبقتها على درب الخراب الممنهج الذي يتحول ببركة ذراع الرأسمالية الناعمة « البنك الدولي» إلى خيرات واستثمارات واعدة، وإعادة اعمار ترفع مداميكه عظام الضحايا من أبناء الشعوب المطحونة تحت تروس الحروب الأهلية المفتعلة .. جاء في صفحة البنك على الشبكة الدولية في معرض التعريف بمهامه « يعد الإعمار في أعقاب النزاعات موضع تركيز عام لنشاط البنك نظرا إلى الكوارث الطبيعية والطوارئ الإنسانية، واحتياجات إعادة التأهيل اللاحقة للنزاعات التي تؤثر على الاقتصاديات النامية التي في مرحلة تحول « تذكرني هذه الفقرة المقتبسة بما يفعله صيادو الحيوانات البرية ..يقتلونها ليصنعوا من جلودها الأحذية والأحزمة والمعاطف والجاكيتات الفاخرة التي يرتديها المترفون والمترفات دون ان يتساءلوا عن مصدرها ومن جثة أي كائن حي انتزعت؟ ..فلنطمئن ياسادة فنحن لا نقتل عبثا ، هناك من يستفيد من قتلنا ويحوله الى نشاط اقتصادي وتجاري مثمر يملأ جيوب وحسابات سادة العواصم في العالم المتحضر بمليارات الدولارات ..
شئنا أم أبينا نحن الآن قد دخلنا الحظيرة الملحقة بالمسلخ الدولي ولا جدوى من مقاومة ما سيجري لاحقا منفردين بعد أن أهدرنا كل فرص النجاة خلال العقود السابقة ..وكل ما نستطيع فعله أن نخفف من حدة الألم ووحشية الاغتصاب .. وأن نحاول التقليل من عدد الأطفال والأسر النازحة و من عدد ضحايا الحروب «الاستثمارية» التي يخوضها البنك الدولي وممولوه على أرضنا وبدماء شبابنا اليافعين الذين يسقطون برصاص إخوتهم ..لأن السلام سيحل في ديارنا قريبا بمجرد ان نفتح أبواب غرف نومنا أمام السيد «ديفيد مالباس».