منصة الصباح

(4) من كاتبات الرواية الواحدة من سيلفيا بلاث إلى مارغريت ميتشل

 خلود الفلاح

هناك من يعتزل الكتابة الروائيّة، وله أسبابه، مثل الانجليزي أوسكار وايلد كتب روايته الوحيدة “صورة دوريان غراي” وتفرغ بعدها للشعر. وأيضا الشاعر الغنائي الليبي أحمد الحريري كتب رواية واحدة “وجدت. في عيونكم مدينتي” طبعت في بيروت، واحترقت كل نسخها في بيروت عام 1975.

والشاعر الفلسطيني سميح القاسم، كتب رواية واحدة ” الصورة الأخيرة في الألبوم” صدرت عام 1978، وبعد ذلك ذهب إلى الشعر.

يعتقد البعض أن الرواية اليتيمة أو الوحيدة غالبا ما تدخل في سياق روايات السيرة الذاتية، لكن هذا الأمر ليس صحيح، إذ هناك الكثير من الروايات التي حققت النجاح الكبير مثل رواية “الحارس في حقل الشوفان” للروائي الأمريكي جيروم ديفيد سالنجر.

في هذا التقرير (4) روائيات من أصحاب الرواية اليتيمة، وراء كل رواية حكاية عاشتها صاحبة الكتاب، لم يكن روائيات عاديات، بل تركن بصمة كبيرة في عالم الكتابة وأصبحت هذه الرواية الواحدة من كلاسيكيات الأدب.

الناقوس الزجاجي

لا نعرف عن الشاعرة والروائية الأمريكية سيلفيا بلاث (1932 ـ 1963)، إلا قصة انتحارها. وجدت متسممة بغاز أول أكسيد الكربون بعد أن حشرت رأسها في فرن الطبخ، وقد حرصت على وضع مناشف مبللة تحت الأبواب لتكون حاجزًا بين المطبخ وبين غرف أطفالها.

هذه الشاعرة التي تم تشخيص حالتها بالاكتئاب السريري عاشت حزن كبير مع زوجها الشاعر الإنجليزي تيد هيوز.

كتبت سيلفيا بلاث رواية واحدة وهي “الناقوس الزجاجي” نشرت أولاً عام 1963، قبل شهر من وفاتها تحت اسم مستعار وهو “فكتوريا لوكاس”.

وتعد الرواية شبه سيرة ذاتية مع تغيير أسماء الأشخاص والأماكن. عام 1966، نشرت الرواية في طبعتها الثانية باسم سيلفيا بلاث.

الشخصية الرئيسية في الرواية هي إيستر غرين، انتقلت للعيش في مدينة نيويورك لشهر واحد فقط، كضيفة شرف لرئاسة تحرير مجلة مودموزيل. وفي تلك المدينة الصاخبة نيويورك لا تستطيع البطلة إيستر غرين التأقلم مع واقعها الجديد، فيصيبها أحساس الوحدة والعزلة، ومع تطور الأحداث تقع في أزمة نفسية.

تعيش إيستر غرين في داخلها حالة من القلق الدائم بين إيستر الفتاة المجتهدة والطموحة وبين تلك الفتاة التي تعيش قلقة وحزينة. هذه الرواية يمكن من خلالها تتبع رحلة الإنسان في البحث عن هويته، وما يتبع ذلك من اضطرابات نفسية قد تصل إلى الجنون.

اعتبرت رواية” الجرس الزجاجي” من كلاسيكيات الأدب الأمريكي المعاصر.

مرتفعات ويذرنغ

إيميلي برونتي (1818 ـ 1848)، صاحبة الرواية لم تكن تتوقع أن تنال روايتها رضا القراء عندما نشرتها أولاً باسم مستعار وهو” إيلي بيل”. بسبب أحداثها التي تضمنت مشاهد من العنف الجسدي والنفسي. إضافة إلى جرأة الرواية في تناولها الحب العاطفي والتوترات الطبقية. في البداية هاجم النقاد الفيكتوريون الرواية، بسبب حبكتها الروائية المعقدة.

المعروف عن إيميلي برونتي شخصيتها الغامضة والمنعزلة. نشرت روايتها “موتفعات ويذرنغ” لأول مرة عام 1847، في مجلدين من ثلاثة مجلدات، وبعد وفاتها تولت شقيقتها نشر الرواية كاملة عام 1850.

تقع أحداث هذه الرواية في مرتفعات تسمى مرتفعات ويذرنغ، وهي مكان جميل منعزل في الريف الإنجليزي،

وهناك تبدأ قصة الحب والامتلاك بين كاثرين وهيثكليف، وكيف يصل بهما هذا الحب والشغف إلى تدمير بعضهما، والآخرين من حولهم. شخصيات الرواية مرتبكة وتعاني أمراض نفسية وأزمات اجتماعية.

توفيت إيميلي برونتي بمرض السل كباقي أفراد أسرتها، كما رفضت أخذ العقاقير الطبية قائلة” لا أريد سموم الطبيب”.

في عام 1956، تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي بعنوان “الغريب” من إخراج فطين عبد الوهاب، وبطولة يحيى شاهين، وكمال الشناوي، وماجدة.

تعد رواية “مرتفعات ويذرنغ” واحدة من أهم روايات الأدب الإنجليزي الكلاسيكي.

المرأة التي استنطقت الطبيعة

الرواية الوحيدة للقاصة الليبية نادرة عويتي (1949 ـ 2015)، تدور أحداث الرواية حول فتاة تدعى نعيمة تشكل الأرض والطبيعة مصدر أمان بالنسبة لها، وأخيها منصور الذي يمثل السند لنعيمة في كل الأزمات التي تمر بها.

نادرة عويتي التي ظلت مخلصة للقصة القصيرة تقول” تأخذني القصة وكتابة المقال أكثر، الكتابة لا نخطط لها، لكننا نحلم بها نعم الكتابة حلم عشق، تصوف، ارتقاء إلى دنا خاصة خالية من الإسمنت والفجاجة، أتمنى أن أكتب وفق قوة الجاذبية المتاحة أمامي لأحداث تظلل مساحة ما من الذاكرة الطفولية الأحلام قد تتعارض مع الاستعدادات النفسية والتهيئة الذهنية والأفضل أن نترك للظروف فرصتها لعلها تهدينا بعض الإلهام والشجاعة”.

ذهب مع الريح

مارغريت ميتشل (1900 ـ 1949)، روائية أمريكية، كتبت رواية واحدة وهي “ذهب مع الريح” تحولت إلى فيلم سينمائي بنفس العنوان. عام 1998 صنف الفيلم ضمن أفضل 100 فيلم أمريكي خلال القرن العشرين، وظل حتى عام 2006، ثاني أعلى الأفلام السينمائية ايراداً في تاريخ السينما الامريكية. كما أصدرت الحكومة الأمريكية طابعاً تذكارياً بمناسبة مرور 25 عاماً على عرض الفيلم. اليوم تعد رواية “ذهب مع الريح” من كلاسيكيات الأدب العالمي.

تروي قصة فتاة تدعي سكاربيت أهارا٬ أثناء الحرب الأهلية بين ولايات الشمال والجنوب الامريكية عاشت قصة حب فاشلة قادتها إلى الزواج من وريت بتلر الذي أحبها جدا في المقابل لم تمنحه غير الكراهية.

الرواية تتناول الحرب من أكثر من زاوية ومدى تأثيرها على الإنسان والمجتمع ككل.

رفضت مارغريت ميتشل عروض عديدة لكتابة جزء ثاني من الرواية، ولكن عام1980، قام أحفادها بإعطاء الموافقة للكاتبة أليكساندرا ريبلي بكتابة الجزء الثاني من الرواية وتم طبعها عام 1991، وتحولت إلى سلسلة تلفزيونية، ولكن الكتاب والعمل التلفزيوني لم يلقيا نجاحا وتجاوبا من القراء والمشاهدين.

شاهد أيضاً

الخارجية تناقش جهود تحصيل القروض الممنوحة لبعض الدول

ناقشت وزارة الخارجية جهود الجهات الليبية التي قدمت قروضا لبعض الدول، والجهود التي تجري لتحصيل …