منصة الصباح

الشاعر يغتال الرئيس

مفتاح قناو

في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي وقبيل انهيار المنظومة الاشتراكية بسنوات قليلة، أنظم السياسي السلوفاكي الشاب روبرت فيتسو إلى الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، ليبدأ معه مسيرته السياسية، إلا أن الزلزال الذي اجتاح دول أوروبا الشرقية عام 1989م قد غير كل شيء في سلوفاكيا، فلم يعد الحزب الشيوعي القديم موجودا، وظهرت إلى الوجود أحزاب سياسية عديدة، فانظم أغلب الأعضاء القدامى في الحزب إلى حزب اليسار الديمقراطي وهو الحزب الذي اعتبروه الوريث للحزب الشيوعي القديم.

رفض زعماء حزب اليسار الديمقراطي ترشيح العضو الشاب في الحزب روبرت فيتسو لمنصب وزاري أثناء تشكيل الحكومة، الأمر الذي جعله يخرج من الحزب ويشكل عام 1999م حزبا جديد أطلق عليه حزب الاتجاه الديمقراطي الاجتماعي ووصفه بأنه حزب ( يسار الوسط ).

ذات مساء من عام 2004م وبينما كنت اقضي بعض الشؤون الخاصة وسط مدينة طرابلس، التقيت مصادفة مع السيد ( يـان بوري ) سفير دولة سلوفاكيا بطرابلس، والذي كنت أعرفه بشكل جيد، وقد كان برفقته شاب في نهاية الثلاثينيات يتجولان معا سيرا على الأقدام بين المحال التجارية وسط المدينة.

عرفت من السيد السفير السلوفاكي أن مرافقه يدعى روبرت فيتسو وأنه رئيس حزب الاتجاه الديمقراطي المعارض في سلوفاكيا، لم يتجاوز اللقاء العابر معه بضع دقائق، لكنني علمت فيما بعد أنه يزور ليبيا بدعوة خاصة لمقابلة القذافي ضمن سياسة النظام الليبي في ذلك الوقت التي تعتمد دعم الأحزاب المعارضة وخاصة في البلدان الصغيرة والتحالف معها لمحاولة إيصالها للحكم.

في يوليو 2006م يكتسح حزب الاتجاه الديمقراطي الانتخابات في سلوفاكيا ويصل روبرت فيتسو إلى رئاسة الحكومة ويشكل حكومته الأولى، لتكون ليبيا من أولى المحطات التي يزورها الرئيس السلوفاكي الجديد رفقة وفد وزاري، وعدد من مدراء الشركات الصناعية والتجارية السلوفاكية، وقد حضر بفندق كورنتيا مؤتمرا اقتصاديا مشتركا مع عدد من الشركات الليبية وغرف التجارة والصناعة بغية بناء شراكة اقتصادية بينهم.

ثم عاد حزب الاتجاه الديمقراطي للفوز بالانتخابات النيابية السلوفاكية في ابريل 2012م ليشكل روبرت فيتسو الحكومة للمرة الثانية ويستمر في قيادة البلاد حتى انتهاء مدته عام 2018م.

في انتخابات اكتوبر2023م يعود الحزب لقيادة البلاد مرة ثالثة ويتولى فيتسو رئاسة الحكومة لفترة جديدة في خضم ظروف بالغة التعقيد مع تطورات الحرب الأوكرانية، حيث عبر فيتسو عن معارضته الشديدة لانضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي، كما عبر عن رفضه للحرب بين روسيا وأوكرانيا، وعرض أفكارا تتضمن خطة سلام بين البلدين تستمر عشر سنوات يتم فيها تسوية كافة الخلافات بينهما سلميا، وقد أوقف شحن الأسلحة إلى أوكرانيا وتقارب سياسيا مع الرئيس المجري فيكتور اوربان حيث منع الاثنان تقديم مساعدات لأوكرانيا بقيمة 50 مليار يورو.

الأربعاء الماضي تعرض الرئيس فيتسو إلى محاولة اغتيال اثر خروجه من اجتماع حكومي في مدينة هاندلوفا، وهذه أول محاولة اغتيال لرئيس أوروبي منذ أكثر من عشرين عاما، والمثير في الموضوع أن من قام بمحاولة الاغتيال هو الشاعر السلوفاكي ( يوراي تسنتولا ) عضو اتحاد الكتاب السلوفاك والذي سبق له أن أصدر ثلاثة دواوين شعرية، وقد ذكر تسنتولا في التحقيقات الأولية بأنه ضد توجهات الرئيس فيتسو السياسية.

شاهد أيضاً

صلاح البلاد في إصلاح التعليم

للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ، والمجتمع يعاني متلازمة …