منصة الصباح

أين القانون من جائحة الذكاء الاصطناعي ؟

بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون

الذكاء الاصطناعي (AI)” هو مجال ضمن علوم الحاسوب والهندسة التي تهدف بالدرجة الأولى إلى بناء أنظمة قادرة على التعلم والتعامل مع المشكلات المعقدة وسرعة إنجاز المهام ،ومنذ التسعينات حقق نجاحات متقدمة وإن كانت خلف الكواليس ، يصطلح على تسميته بالثورة الصناعية الرابعة ، مر بعدة تطورات إلى أن أنتج لنا آلات تحلل وتبدع وتتعلم ذاتيا ،وبصفة عامة في القرن الواحد والعشرين أصبح على درجة عالية من التقنية والتخصص بل تفوق على الذكاء البشري ،ويعد الإنسان الآلي من الحقول المتميزة في الذكاء الاصطناعي فهو يحاكي الإنسان ويهدف إلى إنجاز الأعمال التي يعجز عنها الإنسان .

كل الدول المتقدمة سعت لإدخاله في كافة المجالات العلمية من طب وهندسة وتسويق والقطاع العسكري وقطاعات النقل والمواصلات والقضاء ، ووضعت لها قوانين تنظمها من حيث المسؤولية المدنية والجنائية ، كاليابان والصين وكندا. حتى أن البعض تنبأ بأنه ممكن الاستغناء على وظيفة المحامي مستقبلا ،وإن كنا لا نؤيد هذا الرأي فالمحامي مهمته أوسع من مجرد سرد نصوص فحسب .

كل هذا يفرض علينا مواكبة كل هذه التطورات وتكريس الوقت للقراءة وإتقان المجال ومسايرة التطورات وهذا بالتأكيد يحتم علينا توجيه الاهتمام بتطوير البنية التحتية الرقمية إلى جانب صقل مهارات الكوادر البشرية ونشر الوعي والثقافة الرقمية ودعم الحكومة في تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي . نظرا لما لذلك من مخاطر الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتغلغلها في مختلف جوانب الحياة وعدم قدرة القوانين العادية على استيعاب هذا التطور يتطلب منا سن تشريعات لتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي.بحيث لا يتم التعامل معها بعشوائية ، والوصول إلى تصور قانوني يسمح بالمساءلة المدنية والجنائية.والهدف هو ضمان استخدامه بشكل قانوني واخلاقي مع التركيز على حماية البيانات الشخصية للمستخدم ، إلى جانب التنسيق والتعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال يحفز على تبادل الخبرات والممارسات الفاعلة .

كما باتت الحاجة ضرورية وملحة لإدخال برامج الذكاء الاصطناعي في قطاع القانون، ففكرة توظيفه لا تزال معدومة على الصعيد الوطني والعربي باستثناء البعض، لذلك يجب إدخاله في قطاع القانون لما له من سهولة الإنجاز في العمل ومساعد القانونيين في تحليل وتفسير النصوص القانونية وأرشفتها وتنظيم الوثائق العقود بصياغة قانونية ، والتعليق على الأحكام القضائية .

وبشكل عام لو تم إدخال هذه الأدوات ضمن قطاع القانون سنشهد تطور هائل وسرعة في إنجاز المهام إلا أنه سيتم الاستغناء على العديد من الكوادر البشرية، لذلك يحتم علينا تعلمه وإدخاله في كافة البرامج التعليمية والقطاعات العملية.

فالذكاء الاصطناعي كالفيروس واسع الانتشار وسريع التطور ولا يمكن منعه ، ولكن يستلزم منا اتخاذ التدابير اللازمة لمواكبة التطور تقنيا وقانونيا ، فالعالم يحكمه التكنولوجيا وأصبح يتغير في بضعة أيام ، فعلينا أن نساير التطور وإلا سنقف كمتفرجين وسنكون فقط مجرد سلعة لهذه البرامج .

شاهد أيضاً

نَحْنُ شُطَّارٌ فِي اخْتِلَاقِ الأعْذَارِ

باختصار د.علي عاشور قبل أيام قليلة نجحنا نحن الليبيون في ما يزيد عن خمسين بلدية …