منصة الصباح

الدرس الأخيـر .. بـــراري رمـــز الذئـــب ..

تتفرع هذه الرواية الأدبية التي كتبها يانغ رونغ الصيني 2007 وهي مادة فيلم «الذئب الأخير» للمخرج الفرنسي جان جاك أنو عن مادة معرفة مهمة وأساسية عن حيوان طالما وصف ما يضعه دائما بالنسبة للبشر في خانة العداء والغدر وهي وأن كانت طبيعة بعض الحيوانات فهي ملاذ بيئة ومكونات وجود وبقاء في طبيعة تستدعي كل هذه الخواص ولكن مالا ندركه هو أن هذه الحيوانات لا تستهدف غير ما وظفت له وهي فوق ذلك مدرسة لبعض التجارب المهمة لبشر تعايشوا معها فعرفوا ماذا تعمل وكيف؟ وتعلموا منها الكثير مما دخل التاريخ ! كيف يمكن أن  نسترجع بعد ذلك تعريفات الإنسان الضاحك وذو التاريخ تميزا عن الحيوان ؟! في هذه الرواية الحيوان يقدم التاريخ كقيمة تحتذى! ..

والإنسان المحكوم بما يحيط به من طبائع وسلوك لازال يتعلم الكثير.. الغابة والسهل مرتع لعلوم ليست مكتوبة .. نرجع أيضا لأدبيات كتاب حكايات كليلة ودمنة مع أن الإنسان أنطقها فأن الحيوان الصامت هنا يقدم أمثولتها ويفك شفرتها الإنسان .. واحدة من أروع ما استنطقت الحيوان في معايشة حياته وتأمل ما يقوم به من سلوك هذه الرواية ارمز الذئبب .. الذئب الذي دخل الذاكرة الشعبية بصفته الشرسة والغادرة تنقطع هنا ما يعني في حقيقة الأمر سوى ما صور عنه أو لنقل مكوناته التي جعلت منه

ولأسباب العيش بطبيعة الغابة أو السهوب. ماذا حين يواجه البشر بعضهم بعض ويتحولون إلى أكثر ذئبنة بعيدا عن الوفاء بالعهد بأظافر ملوثة !  يبدو أن الذئب مدينا  لنا فهو يحافظ على بيئته في هذه السهوب وعلى الحياة الكبرى المتمثل في العشب حين يقضي على الفائض من الغزلان التي هي بمثابة طفيليات تستنزف العشب فهو من جانب يحافظ على توازن الطبيعة ومن جانب يوفر وليمة للبشر أيضا من لحم الغزلان حين يتركها عالقة في انجراف الثلج بين ميتة وحية لكن الإنسان بجشعة يأبى أن يترك شيئا فهو زيادة على حصته يأخذ ما تركته الذئاب بالكامل وهو ما يمثل غذائه في الموسم القادم وقد كفل الثلج بالحفاظ عليه ! بعد كل هذه الخطط والاستراتجيات هنا يكمن السؤال التاريخي الذي لم يجيب عنه عبر التاريخ السبب الذي كمن  وراء تلك الإنجازات العسكرية التي حققها فاتح اكجنكيز خانب كيف تأتّى له أن يكتسح وذريته آسيا وأوروبا بأقل من مائة ألف من المقاتلين ؟! .. واحتلوا أصقاع روسيا وهاجموا أمما متحضرة كبيرة مثل بلاد فارس وإيران والصين والهند .. لقد أسس المنغوليون أعظم امبراطورية في تاريخ العالم .. كيف لشعب بدوي غير متحضّر ليس لديهم نظام للكتابة أن يحوز على مثل هذه القدرات العسكرية المتقدّمة وهذه الحكمة في فن القتال ؟! كان ذلك السؤال من بين أحد الأسئلة الكبرى التي لا جواب عنها في التاريخ وكان الجواب على هذا السؤال بالذات يكمن في معرفة وثيقة لطباع وعادات ومهارات الذئاب !

في عرض بانورامي تبدأ المصالحة مع الطبيعة في البراري المنغولية أحد أقاليم التبت والحيوان الذي لطالما شكّل تحديا لنا يصبح صديق الإنسان رغم شراسته !

أن إعادة تأهيل الثورة الثقافية في الستينيات هو ما جاء “بشين شوا فينك” إلى منغوليا لتدريس الرعاة ليأخذ هو الدرس الأكبر من حيوان لا يعرف عنه الكثير فتجرأ أن يربي ذئبا صغيرا على غير عادة الناس هناك والذين اعتبروا ذلك خرقا للطبيعة مع ما يمثله الذئب من قداسة لديهم وبعد مخاطر وهجوم الذئاب ولعل هجوم الذئاب على الخيول في البحيرة من أجمل المشاهد في الفيلم ردا على دناءة الإنسان في معاملة هذا الحيوان ومع محاولة النظام القضاء عليها يصبح جرو ا شن شواب  الباعث على الأمل في السلالة من جديد حين يطلقه شين في السهوب بين أرض وسماء.

شاهد أيضاً

بنغازي السينمائي… يناقش إشكاليات السينما المحلية

الصباح – خلود الفلاح ضمن احتفالية بنغازي عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي للعام 2024،ينتظم الشهر القادم …