قبل نحو شهرين، نُشرت دراسة علمية تناولت تركيزات بعض العناصر الثقيلة في الخيار المزروع داخل وخارج البيوت البلاستيكية، بعد جمع عينات من ثماني مناطق غرب طرابلس خلال نهاية أغسطس وبداية سبتمبر 2023.
وخلصت الدراسة إلى تسجيل ارتفاع في تركيزات الرصاص تجاوزت الحد المسموح به وفق المعايير الليبية والعالمية، في حين كانت تركيزات الكروم أقل من الحد الأقصى المسموح به عالميًا، نظرًا لعدم وجود مواصفات قياسية ليبية خاصة بالكروم، بينما جاءت تركيزات الكادميوم أقل من حد كشف الجهاز المستخدم.
وتصنف منظمة الصحة العالمية الرصاص ضمن أخطر عشرة مواد كيميائية تثير قلقًا شديدًا على الصحة العامة.
ويُعد تعرض الأطفال للرصاص بالغ الخطورة، إذ قد يسبب أضرارًا دائمة بصحتهم ولا سيما بنمو الجهاز العصبي المركزي، تؤدي إلى انخفاض معدل الذكاء واضطرابات سلوكية مثل قصر مدة الانتباه وزيادة السلوك المعادي للمجتمع وانخفاض مستوى التحصيل العلمي.
كما أنه يُلحق أضراراً طويلة الأجل بالبالغين تشمل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والفشل الكلوي، وتأثيرات سلبية على جهاز المناعة والأعضاء التناسلية.
وقد يؤدي تعرض المرأة الحامل للرصاص إلى انخفاض وزن المولود والولادة المبتسرة.
وبينما تتخذ إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إجراءات صارمة لمنع تداول أي منتج غذائي إذا ثبت أن مستويات الرصاص فيه تجعله غير آمن للاستهلاك، لم يُسجَّل أي تحرك معلن من الجهات المختصة في ليبيا، وعلى رأسها وزارة الصحة، ومركز الرقابة على الأغذية والأدوية، ووزارة الزراعة، ولم نسمع عن سحب أو فحص محاصيل الخيار المنتشرة في الأسواق.
ومع أن الخيار يتصدر موائد الليبيين، خاصة خلال شهر رمضان، ويُروَّج له كعنصر أساسي في الأنظمة الغذائية الصحية المعتمدة على الخضروات؛ لم تُجرَ دراسات محلية تبحث في علاقته المحتملة بالتحصيل العلمي، أو العقم والإجهاض، أو السلوك العدواني، أو ارتفاع ضغط الدم في سن مبكرة، أو زيادة معدلات الإصابة بالأورام والفشل الكلوي، أو تبحث في معدلات الرصاص في أغذية أخرى.
وهو ما يفتح تساؤلات مشروعة حول استكمال المواصفات القياسية الليبية للحد الأدنى والأقصى لبقية العناصر، وحول أسباب ارتفاع تركيزات العناصر الثقيلة في أغذيتنا وسبل معالجتها والوقاية منها، وحول مدى كفاءة الإجراءات التنفيذية لحماية الأمن الغذائي والصحي في بلادنا.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية