منصة الصباح
علي الدلالي
علي الدلالي

المقاومة : طريق الحقوق والسلام

بالحبر السري
بقلم: علي الدلالي

حركت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها قوات المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر 2023 ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي الكثير من المياه الراكدة ونفضت الغبار على ملفات ومواقف من الوزن الثقيل محليا وإقليميا ودوليا.
لم تكن إسرائيل في حاجة إلى مبررات مثل طوفان الأقصى لتدمير قطاع غزة على رأس من فيه من السكان الفلسطينيين فهذه ليست حربها الأولى على القطاع الذي حكمت عليه بالموت البطيء من خلال الحصار الخانق الذي فرضته عليه منذ أن انسحبت منه قبل 17 عاما، وهو الحصار الذي كان يتفاقم كل يوم وسط استسلام عربي وتجاهل دولي.
في السابع من “تشرين” قرر رجال المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام كسر الحصار وهدم جدار الفصل العنصري العازل ومعه كافة جدران الخوف وتفكيك (حبال الشيطان) أي الأسلاك الشائكة والمراقبة الإلكترونية على مدار الساعة، ودك معبر بيت حانون (إيريز) لتحطيم صورة إذلال الفلسطينيين على هذا المعبر الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال بالكامل.
على المستوى المحلي كشفت عملية طوفان الأقصى مجددا فشل المسار الذي انتهجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأركان حركة فتح الملتفين حوله في المقاطعة حيث لم يشفع هذا المسار المستسلم بالكامل لشروط قوات الاحتلال وللإملاءات الأمريكية والغربية وبعض الدول العربية التي لا تزال تهيمن أو تتدخل في القرار الفلسطيني، لـ (أبو مازن) عندما عرته قوات الاحتلال بتكثيف عمليات القتل والإعتقال وهدم المنازل وحصار المدن والقرى الفلسطينية وترويع السكان المدنيين في الضفة الغربية، على رأسها جنين ومخيمها، بالتزامن مع الحرب الوحشية التي أطلقتها في قطاع غزة.
طوفان الأقصى وضعنا مجددا على مستوى الإقليم العربي، أمام سقوط آخر أوراق التوت على عورات النظام الرسمي فيه الذي كان يردد مثل “الدراويش” على مدى عقود، بأن فلسطين هي القضية المركزية للعرب، وذهبت بعض الأنظمة إلى حد تبرير عجزها عن تنفيذ برامج تنموية وتحسين الأوضاع المعيشية لشعوبها بتسويق وهم الإنشغال بالقضية الفلسطينية، واستمعنا إلى البعض الآخر اليوم، في ذروة المواجهة المسلحة الأولى منذ 75 عاما فوق تراب فلسطين التاريخية، وهو ما عجزت عنه جيوش النظام الرسمي مجتمعة، ينصح بتهجير “الغزاويين” إلى صحراء النقب.
غير أننا تابعنا في هذا الصدد تحديدا أن “الغزاويين” رغم ضريبة الدماء غير المسبوقة والأزمة الإنسانية المريعة، كانوا مدركين لأهمية الثبات فوق أرضهم ورفض الخروج منها على الإطلاق إدراكا منهم لأهمية توفير الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية منعا لتكرار سيناريو إجبار حركة فتح على الخروج من لبنان لتنتهي كتنظيم عسكري وتسقط بلا سلاح في متاهات أوسلو ومدريد التي لم تفض إلا لمضاعفة المستعمرات الصهيونية وتسليحها في الضفة الغربية وتفتيت الكيان الإسرائيلي لمشروع حل الدولتين.
دوليا، نتج عن طوفان الأقصى طوافين بشرية تظاهرت في عواصم الغرب ضد هذه الحرب الوحشية الهمجية بعد أن تكشفت لشعوب العالم أكاذيب الاحتلال الإسرائيلي التي تبناها وعمًدها الرئيس الأمريكي جو بايدن وأركانه، في محاولة لتضليل الرأي العام الأمريكي والدولي.
المفارقة في هذا الطوفان أن مسؤولين في المخابرات الأمريكية ودبلوماسيين أمريكيين غردوا على مواقعهم في وسائل التواصل الاجتماعي ونشروا صورا تعبر عن تأييد الشعب الفلسطيني. ونقلت وسائل إعلام غربية أن مسؤولة كبيرة بالمخابرات الأمريكية تشغل منصب نائب المدير المساعد لشؤون التحليل، نشرت صورة على موقعها بـ (فيسبوك) تعبر عن تأييدها لفلسطين وهي خطوة تعد، “تعبيرا نادرا عن موقف سياسي من قبل أحد كبار مسؤولي الاستخبارات الأمريكية تجاه الحرب التي أثارت اعتراضات علنية وسرية في صفوف إدارة بايدن”.
في ذات السياق، وجه موظفو وزارة الخارجية الأميركية انتقادا لاذعا لتعامل إدارة بايدن مع الحرب التي تشنها قوات الإحتلال على قطاع غزة مؤكدين في مذكرة معارضة، على أنه “من بين أمور أخرى – يجب أن تكون الولايات المتحدة على استعداد لانتقاد إسرائيل علنا”، أي انتقاد هذه الوحشية النازية وانتهاك قوات الاحتلال للمعايير الدولية كافة في استهداف المدنيين وقتلهم بالآلاف، وهو موقف علاوة عن كونه نادرا، يُعتبر من العيار الثقيل.
إن طوفان الأقصى، أكد مجددا، رغم المتباكين والشامتين والحاسدين في الداخل والخارج، أن خيار المقاومة هو وحده من سيقود إلى طريق الحقوق والسلام في فلسطين وفي المنطقة بأسرها.

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …