استطلاع : عبدالحكيم كشاد
الحرب .. صراع دشّنتهُ الطبيعة بين عناصرها من قبل.. بل أن أول كائنين بشريين من ولديّ آدم «قابيل وهابيل» حدث بينهما ذلك الشّقاق الذي قاد إلي حرب بينهما انتهت أخيرا بجريمة قتل تاريخية كانت الأولى على الأرض .. لكن الحرب ظلت في جوهرها لصيقة بالأخلاق ومفاسدها من قبل الإنسان!
المطامع والرغبات وجهاها اللذان ينفتحان على فمٍ شر هٍ ومعتدٍ على حقوق الآخرين.. وتلك وجه قذارتها منذ أن وضع الإنسان قدمه ، وافتكّ بالقوة ما ليس له !.
«هل ستكفُّ الحرب على أن تكونَ حرباً لو رأت وجهها في المِرآة» قال الشاعر *
يخوض العالم اليوم حروب يعدد ذرائعها وأوجه دوافعها، طائفية كانت ،أم عرقية، أم صليبية أم ذات نزعات لا تخفى في أروقة السّاسة الكبار !
في إطار الحروب التي تعيشها المنطقة العربية والتداعي الذي يوصف بالانهيار كيف يرى المبدع هذه الحرب وإلى أين يمكن أن تصل ؟!
هامش .. من نص لناصر المقرحي «على سبيل الحرب»
مريم جنجلو كاتبة من لبنان
لقد رسّخ الإنسان الحروب كَجزء من وجوده على الأرض، بحيث أصبح امتداد الجنس البشري رهينَ القدرة على الاحتلال والعنف. بالنسبة لي يبدو الأمر خروجًا على السياق الذي لأجلِه تزيّن الإنسان بالعقل والعاطفة معًا. وارتفع عن باقي المخلوقات. قد تبدو الرؤية شديدة المثالية من بعيد ولكن في حال اقتربنا من المجال النفسيّ لأي شخص سوف نجد فجوةً كبرى من سوء التقدير تحيطُ بتركيبته. لقد أسأنا تقديرَ النعمة المعطاة لنا كَبشر، أخذنا من العقل حبّه للسيطرة وَقشورَ تحرّره من الالتزام بالنزاهة وَرميناها في أتون المطامع، أخذنا من العاطفة قهرها واستعملناه وقودًا لتأجيج وجود الظلم استباقيًا، دون أن نلقي بالًا إلى أنّه في صدر كلٍّ منا مضغة تُدعى القلب، والقلب إن لم يلبس ثوب النقاء والرحمة فَهو ميت. حتّى في ذهابِنا إلى ادّعاء التحرّر كانت لنا سقطات في الفوضى، ما يعني أن الإنسان العربي يحتاج المزيد من الاستنارة لِيفهم انّ التحرّر من الكبت شيء، والتصرف بحريّة شيء آخر.
إنّ شعبًا يرتهنُ لِلخوف في الاعتراف بحقوقِه ولا يكسر الصورة النمطية لمجموعة الإعانات التي يزوده بها حكامه على أنها عطايا، لا يمكن أن يتخطى حاجز السقوط عندَ المطالبة بهذه الحقوق. الكلمة السر إذن هي وَعي الإنسان بِكرامته كجزءٍ أصيل منه لا مُستَحدَث وَلا مُكتَسَب وانطلاقًا من أصغر تجمعاته المتمثلة بالعائلة. عندها فقط يُمكن الحديث عن انتفاضةٍ لا تَحتاج النصر لأنها بديهية .
كمال القيرواني – كاتب وشاعر من تونس
حالتنا نحن العرب اليوم, عبارة عن مقاولة صغيرة في زقاق جانبيّ مَنسيّ. استجاب الله لدُعاء الصالحين فيه, وحدثت الثورة التي طال انتظارها, فكلفوا له أخيرا ثلاثة عمال لتركيب مأسورة للمجاري توصّل بالمراحيض لتخفف العبء قليلا عن سكانه وتحفظ كرامتهم وتصونهم من رؤية ومعاشرة فضلاتهم المهينة كلّ الوقت.
كان دور العامل الأوّل أن يحفر في الأرض.
و كان دور العامل الثاني أن يضع أجزاء الماسورة.
و أمّا دور الثالث, فهو أن يعيد التراب ويردم الحفير من جديد.
ومصادفة. مرض العامل الثاني المكلّف بوضع أجزاء الماسورة.
فأكمل الأوّل والثاني دورهما على أكمل وجه:
كلّ صباح, يحفر الأوّل مترا غائرا في الأرض.. و الثاني وراءه, يردم ما حفر الأوّل ويعيد التراب. ولكن أجزاء الماسورة, بقيت هناك, في بيت المريض.
يعني, وباختصار موجع ,أننا لم نجن من هذه الثورة, غير المزيد من الحفر والمطبات .
فضلا عن بقاء الفضلات العطنة على حالها..
علي أبو خطاب –كاتب من فلسطين
بالنسبة للحروب في المنطقة وكيف تؤثر على المبدع سأتحدث أولا عن الحرب القديمة الجديدة بين العرب والفلسطينيين خاصة وما يسمّى إسرائيل فأنا عشت حربين بغزة تحت القصف الإسرائيلي المستمر أربع وعشرين ساعة وخرجت من جحيمها بنص مشترك مع شريكتي «سماح الشيخ» قدمنا فيه رؤية مختلفة للحرب تتناولها من جانب إنساني وليس سياسي أو إعلام أغلبه كاذب أدعى أن دمار غزة كان انتصارا لأسطورة المقاومة التي في حقيقة حكمها لغزة لا تختلف عن أي نظام عربي فاسد كما قمنا بترجمة النص لفضح إسرائيل السفاحة عالميا خاصة أوروبيا وشاركنا به عبر السكايب في فعالية بلندن بعد أن رفضت السفارة البريطانية منحنا تاشيرات أنا وسماح لدخول بريطانيا ،أما بالنسبة لتداعيات الحروب الأهلية لما يسمي الربيع العربي على المبدعين فأرى أنه بعد كانت الشعوب تحلم بثورات تخلصها والمثقفين والمبدعين يروجون لهذا الحلم وينتظرونه وجدنا الفجر سرابا ،وبالتالي برأيي يعيش أولئك الحالمون وضعا كابوسيا بدا ينعكس على الكثير من النصوص واللوحات التشكيلية والأفلام السينمائية أو الوثائقية إلخ التي أنتجت مؤخرا.
علي الجعكي –كاتب وقاص من ليبيا
تعيش المنطقة العربية منذ بداية حرب الخليج تحولا خطيرا في بنيتها العسكرية والاقتصادية والاجتماعية ، وبعد فشل المخطط الأمريكي في مشروع الفوضى الخلاقة الذي كانت تريد فرضه على المنطقة العربية بدأت المؤامرات والدسائس الصهيونية والغربية تتحرك
على الساحة العربية لتفتيت وحدتها وتدمير بنيتها العسكرية والاقتصادية .وفي المقابل دعم العدو الصهيوني والرفع من ترسانته العسكرية ..وما نشاهده الآن من حروب في المنطقة يثير الكثير من الشكوك حول ما نتعرض له من هجمة شرسة لتدمير القوة العربية التي من الممكن أن تساهم في الوقوف أمام المد الصهيوني
في يوم ما والمرحلة التي تعيشها الأمة العربية اليوم مرحلة تفكيك وتقسيم الأوطان إلى دويلات متناحرة لا تنهض حتى بعد عشرات السنين فهي مستهدفة في مقدراتها وجيوشها وبنيتها العلمية والايديولوجية ، وما صناعة المنظمات الارهابية وتسليحها وزرعها في الوطن العربي الا جزء من هذه المؤامرة
فهي تقاتل الآن نيابة عن أمريكا واسرائيل ..والغرض من هذا كله جعل المنطقة العربية في حالة احتقان مزمن وإبقاء المجتمعات العربية في حالة احتقان دائم وشل لقدراتها حتى لا تتّجه للبناء والتقدم وبالمقابل تشجيع العدو الصهيوني على ابتلاع المزيد من الأراضي العربية لتحقيق حلم من النيل إلى الفرات
عزيز باكوش- كاتب من المغرب
في بر العرب أو بحره ، لا يحتاج الملاحظ المهتم إلى كبير عناء كي يدرك أن الشرق الأوسط والخليج العربي بؤرة ملتهبة، وساحة حرب رعناء لعقود بين الإخوة الأعداء، وصراع طموحات توسعية تحت ذرائع ورغبات ومطامح بلا أفق ، لا يخفى على أحد اليوم كيف تحولت شبه الجزيرة العربية من صحراء قاحلة تمتد شساعته إلى منطقة تجاذبات دولية بفعل ثرواتها الطبيعية الهائلة وفي الوقت نفسه ، منجم ذهب لدهاقنة تطوير الأسلحة عبر اختبار فعالياتها بالذخيرة الحية في ساحاتها المشتعلة ليل نهار.
إن منطقة الشرق الأوسط اليوم وبكل المؤشرات التكتيكية والاستراتيجية أكبر مختبرا لتحليل درجات الفتك ببني البشر على وجه الأرض ، أنها مساحة شاسعة ومفضلة للتحليل والكشف في مجال القتل عن بعد ، مختبر حقيقي للتفكيك والدراسة للتطوير والرقي بتكنولوجيا صناعة الأسلحة في العالم.
لا يحتاج المحلل السياسي أو غير السياسي إلى كبير جهد كي يدرك أن أكبر منطقة لتخزين السلاح في العالم توجد في الشرق الأوسط،. وأكبر الصفقات والمشاريع الاستثمارية تخصص للسلاح …ليصبح الشرق الأوسط العربي والإسلامي رهينة في يد تجارة الأسلحة في العالم.
والسؤال لمن ستبيع هذه المقاولات العملاقة في أمريكا وأوروبا هذا الكم الهائل الذي تفرزه مصانع السلاح وتلك الترسانة الخرافية من الأسلحة من كل الأوزان والمتفجرات بكل العيارات وأحدث تكنولوجيا الفتك الرجيم ببني البشر
لا يتأخر الجواب سريعا … النفط العربي والغباء العربي والإسلام على الطريقة العربية وتلاسنات طائفية وتجاذبات عرقية ،وأطماع صليبية و مصوغات أخرى يخطط لها وتنفذ بدهاء وذكاء وسخاء في كبرى عواصم العالم المتحكمة في كل الأقدار . عناصر ثلاثة جعلت من بشر هذه المنطقة أول زبون غبي وأول من يتصدر قائمة الزبناء الأغبياء في العالم . فهذا الكائن دون غيره من قاطني الكوكب في حاجة ماسة ودائمة للأمن الحدودي ، وهو ممتلئ بتمثلات رهيبة فأخوه في الدين والعرق والملة على الجانب الآخر، قد يخترقه على حين غفلة ، ولا بد أن يكون جاهزا ، ومجهزا ، بل لا بد أم يكون عبدا لتجار الأسلحة في العالم لأشفاء غليل عطش خوفه الأبدي والحقيقة أنه ليس العربي المسلم هو الوحيد الذي يعتريه رهاب الحدود في هذا القرن لكنه دون غيره بالذات كائن يحتاج لضمان حدوده مع جيرانه الذين هم إخوته في الجنس والعرق والسلالة والدين ؟
أنه مزود بشحنة جبارة على استثمار جوف أرضه للحرب على الحدود تحت ذريعة الأمان والسلم ..والنتيجة لا أمان ولا سلم على الأقل راهنا وعلى المدى المتوسط .. صوب الانهيار الكبير !