منصة الصباح

الجدري

د. علي المبروك أبوقرين

أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية بعد تفشي جدري القردة (Mpox) في بعض الدول الأفريقية، مسجلة وفيات غير معتادة.

يُعد جدري القردة مرضًا نادرًا ظهر لأول مرة في الكونغو عام 1970، ومنذ ذلك الحين ظل محدود الانتشار ولم يكن يشكل خطرًا كبيرًا حتى الآونة الأخيرة. في عام 2022، انتشرت سلالة Clade 2 بشكل واسع في أكثر من 100 دولة، بما فيها أوروبا وآسيا، مما دفع علماء مراكز مكافحة الأمراض الأفريقية إلى التحذير من أن التفشي قد يخرج عن السيطرة، خاصة مع زيادة الإصابات بين الأطفال تحت سن 18.

تنتقل العدوى من الحيوانات البرية مثل القوارض والرئيسيات إلى الإنسان عن طريق اللمس، العض، اللدغ، أو تناول اللحوم المصابة. كما يمكن أن تنتقل العدوى بين البشر من خلال الاتصال المباشر مع المصاب أو استخدام أدواته الشخصية. تتراوح فترة حضانة الفيروس بين يوم إلى 21 يومًا، وتظهر الأعراض مثل الحمى، الصداع، ضعف العضلات، وتورم الغدد الليمفاوية، إضافةً إلى طفح جلدي متحوصل مليء بالصديد يظهر على اليدين، الوجه، البطن، والأرجل. تستمر الأعراض عادةً من أسبوعين إلى شهر، وقد تزيد في بعض الحالات الشديدة اعتمادًا على الحالة الصحية للمريض ومناعته.

للوقاية، يجب أن تتخذ الجهات الرسمية إجراءات صارمة تشمل رفع درجات الطوارئ والاستعداد الكامل لمواجهة تفشي المرض، نشر التوعية حول كيفية الوقاية منه، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة. من المهم التركيز على النظافة الشخصية والعامة، منع صيد وتربية الحيوانات البرية، والاهتمام بالصحة العامة من خلال تعزيز المناعة بالأنظمة الغذائية المتوازنة وممارسة الرياضة.

على الجهات الصحية تكثيف جهودها عبر توفير اللقاحات والأدوية الآمنة، تدريب الكوادر الطبية، وتطوير المختبرات الصحية للتشخيص المبكر والدقيق. كما ينبغي إنشاء خطوط ساخنة وغرف طوارئ لجمع المعلومات والتنسيق مع مراكز مكافحة العدوى محليًا ودوليًا.

الأهم هو مكافحة الشائعات والمعلومات المضللة، وضمان الشفافية في التعامل مع الجمهور لتجنب تكرار أخطاء جائحة كورونا.

الاستعداد المبكر والمرونة في التعامل مع هذه التهديدات الصحية يمكن أن يسهم في حماية الأرواح وتقوية الأنظمة الصحية لمواجهة الأزمات.

حفظ الله بلادنا والبشرية جمعاء.

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …