منصة الصباح

البطالة في ليبيا أزمة متفاقمة رغم الجهود للحد من الظاهرة

تقرير| هدى الغيطاني

تشكو شريحة كبيرة من الشباب في ليبيا من البطالة، المشكلة التي تتفاقم يوما بعد يوما وفق الأرقام والإحصائيات الصادرة عن الجهات الرسمية على الرغم من التعهدات بحل الأزمة وإيجاد فرص عمل كثيرة تفرضها احتياجات البلاد في مرحلة إعادة البناء.

فقد أعلن البنك الدولي في تقرير له صدر في يونيو الماضي أن معدلات البطالة في ليبيا مازالت مرتفعة بتسجيلها نسبة بلغت أكثر من 19.6%، مشيرا إلى أن 85% من السكان يعملون في القطاعين العام والخاص.

كما قدّرت مجلّة “ذي إيكونوميكس” نسبة البطالة في ليبيا بنحو 19%، لكنّ مؤسّسات محلية ترى أنّها تتجاوز 30%.

مدير شركة المب للمستثمرين ورجال الأعمال سامح عمار الكانوني، أكد أن البطالة في ليبيا تراكمية وتتزايد عاما بعد آخر نظرا لأن الدولة لم تحدد احتياجاتها من الخريجين وطبيعة تخصصاتهم.

ما يؤكد هذا الاتجاه تصريح لوزير العمل الأسبق محمد سوالم في 2013 أفاد بأن نسبة البطالة في ليبيا وصلت 12% من عدد السكان.

البطالة مصلح غير دقيق

في المقابل أكد وزير العمل والتأهيل في حكومة الوحدة الوطنية علي العابد الرضا، أنه لا يوجد حل للعاطلين عن العمل إلا التعيين في الدولة في ظل نقص ميزانيات التنمية وعدم وجود مستثمرين أجانب في البلاد.

قال في تصريحات له في مايو الماضي، إن البطالة في ليبيا مصطلح غير دقيق وأرقامها غير دقيقة، لأن السائد في المجتمع أن الذين لا يعملون في القطاع العام (في الدولة) يُعتبرون عاطلين عن العمل رغم أن معظم الذين محسوبين عن “البطالة” يعملون في القطاع الخاص، لذلك فإن العمل جار على تنظيم سوق العمل ومنع الازدواجية بين القطاعين العام والخاص، من خلال منظومة حديثة ومتطورة رصدت العديد من المخالفات وتعاملت معها.

وأكد العابد أن فرص العمل متوفرة في السوق الليبي والدليل على ذلك العدد الكبير للعمالة الأجنبية المتواجدة في ليبيا وأن ما ينقصنا هو تنظيم سوق العمل في ليبيا، مضيفا أن مرحلة البناء وإعادة الإعمار ستخلق مواطن شغل مباشرة وغير مباشرة لجميع الباحثين عن عمل من الشباب، معقبا إلا أن “معظم مخرجات التعليم غير متوافقة مع احتياجات سوق العمل”، ومع ذلك لم يعلن العابد عن النسب الحقيقية للبطالة في ليبيا حتى يوما هذا.

إلا أن المتحدث باسم وزارة العمل والتأهيل بحكومة الوحدة الوطنية “عبد القادر أبوشنّاف”، قد صرح في نوفمبر 2022 أنّ عدد الباحثين عن العمل في ليبيا بلغ 250 ألف شخص، وفق آخر الإحصائيّات الرسمية، مؤكدا انخفاض معدل عدد الباحثين عن العمل بالمقارنة مع السنوات السّابقة من 340 ألفًا إلى 250 ألف شخص، مضيفا أنه “لا توجد نسبة دقيقة عن معدّلات البطالة في ليبيا”.

وأوضح أن القطاع العام يعاني من التكدس الوظيفي، إذ يبلغ عدد العاملين في الدولة 2.4 مليون موظف حكومي، من بين 7.4 ملايين نسمة، مشيرا إلى أن هناك 100 ألف خريج سنويًا في ليبيا، بينما يبلغ معدل الفقر حسب بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية 42% الأمر الذي دفع المواطنين للبحث عن عمل إضافي.

دراسات علمية

من جانب آخر توصلت دراسة علمية مشتركة أجراها الباحثان سامية عمران حريب وأسامة امحمد الجمل بعنوان دور سياسات سوق العمل وبرامجه في الحد من البطالة في ليبيا، دراسة الة فروع وزارة العمل والتأهيل مصراته، أن سياسيات سوق العمل في المتبعة لم تؤد لخفض معدلات البطالة، إضافة إلى عدم وجود دور فعّال لوزارة العمل الليبية في الحد من البطالة باستثناء تنظيم تأشيرات العمل للعمالة الأجنبية.

كما كشفت الدراسة ارتفاع معدلات البطالة في ليبيا خلال الفترة من 1999 – 2020 إلى 19%وذلك لعدة أسباب منها أن مهارات سوق العمل لا تتناسب مع المعروض من وظائف، وانخفاض جودة المدخلات والمخرجات التعليمية والتدريبية والعزوف عن الوظائف اليدوية والمهنية، وزيادة نسبة الالتحاق بالتعليم الجامعي، والاعتماد على القطاع العام في استيعاب مخرجات التعليم مع قدرته المحدودة في توفير فرص عمل للأعداد الكبيرة من الخريجين.

وأثبتت الدراسة عدم إلمام وزارة العمل والتأهيل بكامل احتياجات سوق العمل المحلي بسبب ضعف التنسيق بين مؤسسات القطاع العام وقلة مشاركة القطاع الخاص في التدريب، كما بينت الدراسة أن السبب في ارتفاع معدلات البطالة في ليبيا يعود إلى اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط الذي لا يستوعب إلا عددا قليلا من العمال.

ما بين الإحصائيات الرسمية التي تثبت زيادة معدلات البطالة كل عام، وبين احتياجات المواطنين للعمل لمواجهة التضخم والغلاء، وبين عجز الوزارة عن إيجاد سوق عمل مناسب للخرجين -حسب الدراسات العلمية- يبقى الشباب عرضة للاستقطاب الذي لا يحمد عقباه.

شاهد أيضاً

وحدة دعم المرأة تشارك في إطلاق الأكاديمية الدولية للمرأة الرائدة

شاركت وحدة دعم المرأة بالمفوضية العليا للانتخابات في إطلاق الأكاديمية الدولية للمرأة الرائدة، وذلك ضمن …