الصباح/ آية زايد
تُظهر البيانات المتوفرة والتقارير الصادرة عن مؤسسات دولية وإقليمية، صورة إيجابية للنمو في ليبيا لعام “2025، لكنها تبقى محفوفة بمخاطر عدم الاستقرار السياسي..
الأداء الاقتصادي الكلي:
نمو قياسي الناتج المحلي الإجمالي “GDP”: من المتوقع أن تتصدر ليبيا قائمة الاقتصادات العربية، من حيث وتيرة النمو في عام “2025”..
توقعات صندوق النقد العربي: تشير إلى نمو بنسبة “14.3%”، وهو الأعلى عربياً..
توقعات البنك الدولي ووزارة الاقتصاد:
توقعات أعلى لبعض الجهات تصل إلى ما يقارب “17.3%”، مدفوعاً بجهود تطوير قطاع الطاقة..
والجدير بالملاحظة أن بيانات صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، تشير إلى أن الارتفاع المسجل في الناتج المحلي الإجمالي عند قياسه بالدينار الليبي، لا يعكس تحسنًا حقيقيًا في القوة الشرائية للمواطن..
فبينما يظهر الناتج ارتفاعًا بالعملة المحلية، فإن نفس الناتج يتراجع عند قياسه بالدولار الأمريكي، وهو ما يعكس تأثير تغيّرات سعر الصرف والتضخم على القيمة الإسمية للناتج، دون أن يقابله نمو فعلي في الاقتصاد الحقيقي بنفس الحجم..
– عوامل النمو الرئيسة:
إنتاج النفط: يُعد المحرك الأساسي، حيث من المتوقع أن يصل متوسط إنتاج النفط الخام إلى حوالي “1.3” مليون برميل يومياً، وهو ما يتجاوز المتوسط التاريخي للعشر سنوات السابقة..
– الإصلاحات النقدية:
بدء تنفيذ إصلاحات نقدية من قبل مصرف ليبيا المركزي، ساهم في تحسين المؤشرات..
وأعلن مصرف ليبيا المركزي في “6 أبريل 2025″، عن خفض سعر الصرف الرسمي للدينار الليبي بنسبة “13.3%”، حيث أصبح السعر الجديد “5.5677” دينار للدولار الأمريكي، مقارنة بالسعر السابق الذي كان “4.48” دينار للدولار “معتمدًا منذ يناير 2021)”..
ويُعد هذا أول تعديل رسمي لسعر الصرف منذ عام “2020”، وجاء القرار في سياق ضغوط اقتصادية تشمل الإنفاق الحكومي المزدوج، والعجز في الإيرادات النفطية، بهدف تقليل الفجوة مع السوق الموازية ودعم الاستقرار النقدي..
أما بالنسبة للضريبة المفروضة على مشتريات العملات الأجنبية،(المعروفة بـ”ضريبة الدولار”، والتي تُضاف إلى سعر الصرف عند الشراء من البنوك)، فقد خُفضت من “20%” إلى “15%”، بقرار من رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” في “20 نوفمبر 2024″، وأكد المصرف المركزي استمراره في يناير “2025”..
كما أُعلن في “أغسطس 2025” عن تخفيض تدريجي إضافي يبدأ بنسبة 20% في أكتوبر 2025 (لكن التنفيذ الفعلي يتبع الجدول الزمني المحدث)، بهدف تعزيز قوة الدينار وتخفيف العبء على المواطنين..
ولا يزال مصير سعر الصرف والضريبة المفروضة عليه غير واضحا، خصوصا بعد تجدد موجات المضاربة على سعر صرف الدينار، واتساع الفارق مع السعر الرسمي..
– التضخم:
ظل التضخم المعلن منخفضاً في عام 2024 (قرب 2%)، ويُتوقع أن يستمر انخفاضه ليبلغ حوالي 1.8% في 2025، على الرغم من أن هذا الرقم يتأثر بالدعم الحكومي الواسع للسلع والخدمات..
الواقع في أكتوبر 2025، بلغ التضخم 2.3%، لكنه لا يعكس الواقع الكامل بسبب قياسه في طرابلس فقط، بينما يشعر المواطنون بتآكل القوة الشرائية بنسبة أعلى (حوالي 5-7%) بفعل الاستيراد..
التراجع في السوق السوداء (من 7.36 إلى 7.95 دينار للدولار في سبتمبر 2024، مع استمرار الاتجاه) مرتبط بأزمات المصرف المركزي والنفط..
وتشير التوقعات أنه إذا استمر التراجع بنسبة 10-15% في السوق السوداء (مثل الوصول إلى 8-9 دنانير للدولار)، قد يدفع التضخم إلى 4-6% في 2026، مع مخاطر أعلى إذا انخفض إنتاج النفط أو تفاقمت الخلافات السياسية..
ومع ذلك، إذا نجح المصرف المركزي في سد الفجوة (مثل خفض الضريبة على الصرف إلى 10%)، قد ينخفض التضخم إلى 2-3%.، ويوصي العديد من الاقتصاديين وكذلك صندوق النقد الدولي بتوحيد الإنفاق، وتعزيز الاحتياطيات، وتقليل الاعتماد على الاستيراد عبر الاستثمار في الزراعة والصناعة، لكن الاستقرار السياسي هو المفتاح..
قطاع النفط والمالية العامة.. الاعتماد على النفط:
لا يزال قطاع النفط والغاز يهيمن على الآفاق الاقتصادية، حيث يستحوذ على أكثر من 95% من إيرادات الدولة. رغم التقدم، يظل الإنتاج عرضة للاضطرابات السياسية، كما حدث في 2024 بإغلاق حقول أدى إلى خسارة 700 ألف برميل يوميًا..
ومع ذلك، عودة الشركات مثل “سوناطراك الجزائرية” بعد غياب 10 سنوات، وتوقيع اتفاقيات مع “BP” و”Shell” لتقييم الحقول، يعكس تحسنًا في الثقة..
هذه الجولة لا تقتصر على النفط؛ فهي تشمل الغاز لدعم الطلب المحلي وتصدير أوروبي، ما يعزز الاقتصاد العام..
لتحقيق الأهداف، يجب على المؤسسة الوطنية للنفط التركيز على الاستقرار السياسي والشراكات الدولية، مع التشديد على الحفاظ على المصلحة الوطنية الليبية..
في النهاية، تمثل هذه الاستكشافات “بابًا جديدًا” لليبيا، كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الأفريقية، مع إمكانية إضافة مليارات الدولارات إلى الإيرادات السنوية..
المالية العامة والحساب الجاري:
من المتوقع تعافي نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في عام 2025 مدفوعاً بالتوسع في إنتاج النفط، بعد أن تحول كل من الحساب الجاري وحساب المالية العامة من فائض (2023) إلى عجز (2024)، نتيجة لتراجع إيرادات النفط وزيادة الإنفاق الحكومي..
إجمالي الأصول الأجنبية للدولة سجل مستويات مرتفعة، حيث بلغت نحو 98.8 مليار دولار في نوفمبر 2025..
الإنفاق:
المرتبات لا تزال في صدارة الإنفاق الحكومي..
تحديات ومخاطر رئيسة رغم التوقعات الإيجابية للنمو، يواجه الاقتصاد الليبي تحديات هيكلية ومخاطر داخلية وخارجية: عدم الاستقرار السياسي، واستمرار الانقسام السياسي يظل الخطر الأكبر، حيث يمكن أن يؤدي إلى اضطراب في إنتاج النفط وتصديره، ويحول دون إحراز تقدم في الإصلاحات الاقتصادية..
تنويع الاقتصاد: يظل الاقتصاد مرتهناً بتطورات قطاع النفط، ومساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لا تتعدى 30% في أحسن التقديرات، ما يتطلب: تنمية القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال..
مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة وسيادة القانون. الإصلاحات الهيكلية: هناك مطالبات بالإصلاح الهيكلي للحكومات لتنويع الاقتصاد، لا سيما في القطاع المصرفي، والعمل على استراتيجية واضحة تمكّن البنوك من القيام بدورها كوسيط مالي..
المخاطر العالمية: الاقتصاد الليبي معرض أيضاً لمخاطر التطورات السلبية العالمية بسبب اعتماده الكبير على صادرات النفط، وفاتورة الواردات الكبيرة..
التنمية والإصلاحات الجارية:
شهد عام 2025 تحولات في قطاعات أخرى، بما في ذلك: تنمية البنية التحتية: تركزت الجهود على إعادة تأهيل البنى التحتية للموانئ والمطارات والمرافق الثقافية والرياضية، بهدف تنشيط الحركة التجارية والاجتماعية..
القطاع المصرفي: شهد إصلاحات نقدية وإجراءات من المصرف المركزي تهدف إلى كبح اضطرابات سوق الصرف..
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية