منصة الصباح

الاسراء والكهف

د. ابوالقاسم عمر صميدة

تحل علينا هذه الايام ذكرى رحلة الاسراء والمعراج لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وقد جاء فى كتاب الله سورة كاملة تتحدث عن تلك الرحلة ، واعقبتها سورة اخرى مماثلة لها ولها علاقة بسورة الاسراء ، لذا سأحاول ان أتأمل الامر ، فقد جاءت سورتان عظيمتان فى القرآن الكريم متتابعتان وهما الاسراء التى ترتيبها 17 فى المصحف الشريف وعدد آياتها 111 بمجموع 128 والكهف ذات الترتيب 18 وعدد الآيات 110 بمجموع 128، وبدأت سورة الإسراء العظيمة بالتسبيح لله الذى أسرى بعبده ليلاً من مكه الى المسجد الأقصى من أجل هدف وضحه القرآن وهو ( لنريه من آياتنا ) أى رؤية بعض آيات الله ، وقد اخبرنا القرآن فى عدد من السور عن عدد من آيات الله ومنها ما حل بالأقوام السابقة الكافرة ، والآيات الكبرى لفرعون ، وسفينة نوح عليه السلام ، وناقة صالح عليه السلام ، والعذراء مريم وابنها المسيح عيسى عليه السلام ، ومائدة حواريى المسيح ، وغير ذلك ، وأخبرنا القرآن ان اصحاب الكهف كانوا آية ، لذا فخلال رحلة الاسراء والمعراج التى نحيى ذكراها هذه الليالى وسط حروب واوبئة وفزع وشدة ، تلك الرحلة التى منحت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطمأنينة والرضى والمؤازرة واعطته قوة روحية وصبر لمواجهة كفار مكة ومكائدهم ، خلال تلك الرحلة العظيمة رأى رسول الله من آيات الله ما رأى ، واخبر القرآن ان رسول الله استعجب من آية اصحاب الكهف ( أم حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) فرسولنا لفت نظره اصحاب الكهف وما حل بهم ولماذا التجأوا الى الكهف ، لذا نفهم الآن لما سُميت السورة بالكهف ، ونفهم لما جاءت فى الترتيب بعد الاسراء ، ونفهم لما هذا التماثل الرقمى بين السورتين فكلاهما مجموع ترتيبة وآياته 128 ، المهم تنبه سورة الكهف الى امرين عظيمين الاول ؛ ان البقاء والدوام لله وحده فقط وما عداه زائل متغير هالك ، وان الوحدانية لله فلا اله غيره ولا رب سواه ، والامر الثانى ان العبودية والألوهية لله وحده ، فكيف يتخذ البشر من بعضهم ارباب ؟ وكيف تتخذ الناس آلهة وأرباب من اشخاص هالكة زائلة وتترك الخالق الحقيقى الثابت الدائم الباقى ؟ لقد كانت رحلة الاسراء والمعراج نقطة تحول هامة فى الدعوة المحمدية وانتشار نور الايمان ، لذا على المسلمين ان يثقوا فى الله وان يؤمنوا بقدرة الله على نصر الحق وقهر الكفر والشرك واظهار آياته فى كل وقت وحين ..

 

شاهد أيضاً

نَحْنُ شُطَّارٌ فِي اخْتِلَاقِ الأعْذَارِ

باختصار د.علي عاشور قبل أيام قليلة نجحنا نحن الليبيون في ما يزيد عن خمسين بلدية …