القطاع الصحي شديد التعقيد والحساسية وأي خلل فيه يترتب عليه أضرار مباشرة على صحة الإنسان وحياته ، وصحة وحياة الأمة ، والإدارة الصحية هي الركيزة التنظيمية للقطاع الصحي ، وهي العمود الفقري للنظام الصحي ، بدونها يختفي المفهوم للخدمات الصحية ويتحول العمل الطبي إلى مجهودات فردية عشوائية تفتقر للتنسيق والقياس والاستدامة ، ولا يمكن لأي نظام صحي أن يعمل بفاعلية وكفاءة دون إدارة صحية متخصصة ومحترفة في بيئة معقدة بسبب تشابك الخدمات وتعدد أصحاب المصلحة.
في نظام لا يكتفي بعلاج الأمراض بل يعالج أسبابها وجذورها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية ، ويتعامل مع الأمراض الموروثة والمتراكمة والتحديات الصحية المعاصرة والمستقبلية ، والقادة الاداريين الصحيين هم من يوجهون المؤسسات نحو الأهداف الاستراتيجية ، ويضمنون الاستخدام الأمثل للموارد ، وقياس الأداء ، وتحقيق الجودة والسلامة ، وتصميم الهياكل الإدارية والتنظيمية والتشغيلية ، ووضع السياسات والرؤية الوطنية ، وصياغة القوانين واللوائح والإجراءات الموحدة ، وربط النظام الصحي والمؤسسات الصحية والجهات المساندة له ، وتوزيع المسؤوليات ، وتخطيط القوى العاملة الصحية أعداد وتخصصات وتأهيل وتقييم وتوزيع ، وخلق بيئات العمل الداعمة ، وإعداد ميزانيات واقعية مبنية على الاحتياجات ، وضمان ترشيد الإنفاق ، وإدارة الموارد وسلاسل الامداد ، وتطبيق نظم الجودة ومعايير مكافحة العدوى وسلامة المرضى ، وبروتوكولات التشخيص والعلاج والتأهيل ، والرقابة والاعتماد والتقييم المستمر لرضا المرضى والعاملين والمجتمع ، والتنسيق بين القطاعات الحكومية وغيرها ، وإدارة الأزمات والأوبئة والكوارث والحروب ، وإعداد خطط الطواريء والاستعداد والاستجابة ، وتأمين المخزون الاستراتيجي ، وإنشاء نظم معلومات صحية موثوقة ، وتحليل المؤشرات وتعديل السياسات ، ويتطلب في الإدارة الصحية التخصص والتأهيل العالي والتدريب المستمر والخبرة التي تعطي القدرة على التنبؤ بالمشاكل وتجنب تكرار الأخطاء ، والكفاءة في الإنجاز التي تعكس المعرفة والخبرة والمهارة والقدرة على الاتصال واتخاد القرارت وتحقيق النتائج بأعلى جودة وأقل تكلفة ووقت ، وضرورة الالتزام بالهياكل التنظيمية والملاكات والتوصيفات الوظيفية والتشغيلية والتخصصية والمسؤوليات بدقة ، إن الإدارة الصحية هي التي تبني تكامل المهن والتخصصات الطبية ، والتمريضية والفنية ، والادارية والاستراتيجية ، والداعمة والتحليلية والتنموية ،
وهي التي تحدد الوظائف والتخصصات والمجالات ومنها جميع التخصصات الطبية والصحية التقليدية والدقيقة والمستحدثة والافتراضية ، والصحة الاستباقية والتنبؤية والوقائية والرعاية الصحية الاولية ، والصحة العامة والمجتمعية ( الصحة العامة ،وصحة المجتمع ، وعلم الأوبئة والفيروسات ، والتثقيف والتوعية الصحية ،والصحة البيئية والمهنية والمدرسية والمراهقين وكبار السن والصحة المنزلية والطوارئ الصحية ، ومراقبة الأمراض المعدية والمزمنة ، والتخصصات الاجتماعية والإنسانية ، والانتروبولوجيا الصحية لفهم ثقافة المرض والسلوك الصحي والتقاليد المجتمعية في الوقاية والتداوي ، وعلم الاجتماع الصحي ، والخدمة الاجتماعية النفسية والصحية ، وتخصصات الإدارة والسياسات والتخطيط ، والقانون وحقوق المرضى ، والحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد ، والتمويل والاقتصاد الصحي وتحليل التكاليف والفعالية ، وتخصصات دعم القرار وتحليل البيانات والإحصاء الحيوي ، والمعلوماتية الصحية والذكاء الاصطناعي والصحة الإلكترونية والرقمية ، والتخصصات الوقائية والرقابة على الأغذية والمياه ، والصحة الغذائية والتغذية المجتمعية ، والرقابة الدوائية والتفتيش الصيدلي ، وتخصصات دعم الصحة والتنمية المستدامة ، والعلاقات الدولية ، والدبلوماسية الصحية ، والصحة وحقوق الإنسان ، والصحة والتغييرات المناخية والكوارث الطبيعية ، والصحة الواحدة ( الانسان والحيوان والبيئة ) ، والصحة في النزاعات والهجرة والنزوح
إن النظام الصحي القوى لايقوم على الأطباء والمستشفيات والبنية التحتية الصحية المتكاملة والمتطورة فقط بل على الاقتصاديين والماليين والقانونيين ، والمخططين ، وعلماء الاجتماع ، والتربية ، والبيئة والمناخ والتكنولوجيا ، والإعلام ، وخبراء تقنية المعلومات لأن الصحة منظومة تنموية متكاملة بتخصصات متعددة لتحقيق نهضة صحية حقيقية ‘ ولا مجال في ذلك إلا بإعادة بناء النظام الصحي الموحد على أسس الإدارة الصحية المتخصصة والمؤهلة وبالخبرات والكفاءات العالية من قمة هرم القطاع الصحي إلى أصغر وظيفة ومهمة ..
الأخطاء تقاس بالأرواح وليس بالأرباح